کد مطلب:142628 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:268

ثم دخلت سنه أحدی و ستین ذکر الخبر عما کان فیها من الأحداث
فمن ذلك مقتل الحسین رضوان الله علیه قتل فیها فی المحرم لعشر خلون منه كذلك حدثنی أحمد بن ثابت قال حدثنی محدث عن اسحاق بن عیسی عن أبی معشر و كذلك قال الواقدی و هشام بن الكلبی و قد ذكرنا ابتداء أمر الحسین فی مسیره نحو العراق و ما كان منه فی سنة 60 و نذكر الآن ما كان من أمره فی سنة 61 و كیف كان مقتله.

حدثت عن هشام عن أبی مخنف قال حدثنی أبوجناب عن عدی بن حرملة عن عبدالله بن سلیم و المدری بن المشمعل الأسدیین قالا أقبل الحسین علیه السلام حتی نزل شراف فلما كان فی السحر أمر فتیانه فاستقوا من الماء فأكثروا ثم ساروا منها فرسموا صدر یومهم حتی انتصف النهار ثم ان رجلا قال الله أكبر فقال الحسین الله أكبر ما كبرت قال رأیت النخل فقال له الأسدیان ان هذا المكان ما رأینا به نخلة قط قالا فقال لنا الحسین فما تریانه رأی قلنا نراه رأی هوادی [1] الخیل فقال و أنا و الله أری ذلك فقال الحسین أما لنا ملجأ نلجأ الیه نجعله فی ظهورنا و نستقبل القوم من وجه واحد فقلنا له بلی هذا ذو حسم الی جنبك تمیل الیه عن یسارك فان سبقت القوم الیه فهو كما ترید قال فأخذ الیه


ذات الیسار قال و ملنا معه فما كان فأسرع من أن طلعت علینا هوادی الخیل فتبیناها و عدلنا فلما رأونا و قد عدلنا عن الطریق عدلوا الینا كأن أسنتهم الیعاسیب [2] و كأن رایاتهم أجنحة الطیر [3] القوم و هم ألف فارس مع الحر بن یزید التمیمی الیربوعی [4] حتی وقف هو و خیله مقابل الحسین فی حر الظهیرة و الحسین و أصحابه معتمون متقلدو أسیافهم فقال الحسین لفتیانه اسقوا القوم وارووهم من الماء و رشفوا الخیل ترشیفا فقام فتیانه فرشفوا الخیل ترشیفا فقام فتیة و سقوا القوم من الماء حتی أرووهم و أقبلوا یملؤن القصاع و الأتوار و الطساس من الماء ثم یدنونها من الفرس فاذا عب فیه ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت عنه و سقوا آخر حتی سقوا الخیل كلها.

قال هشام حدثنی لقیط عن علی بن الطعام المحاربی كنت مع الحر بن یزید فجئت فی آخر من جاء من أصحابه فلما رأی الحسین ما بی و بفرسی من العطش قال أنخ الراویة و الراویة عندی السقاء ثم قال یا ابن أخی أنخ الجمل فأنخته فقال أشرب فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء فقال الحسین اخنث السقاء أی اعطفه قال فجعلت لا أدری كیف أفعل قال فقام الحسین فخنثه فشربت و سقیت فرسی قال و كان مجی ء الحر بن یزید و مسیره الی الحسین من القادسیة و ذلك أن عبیدالله بن زیاد لما بلغه اقبال الحسین بعث الحصین بن نمیر التمیمی و كان علی شرطه فأمره أن ینزل القادسیة و أن یضع المسالح فینظم ما بین القطقطانة الی خفان و قدم الحر بن یزید بین یدیه فی هذه الألف من القادسیة فیستقبل حسینا قال فلم یزل موافقا حسینا حتی حضرت الصلاة صلاة الظهر فأمر الحسین الحجاج بن مسروق الجعفی أن یؤذن فأذن فلما حضرت الاقامة خرج الحسین فی ازار و رداء و نعلین فحمدالله و أثنی علیه ثم قال أیها الناس انها معذرة الی الله عزوجل و الیكم انی آتكم حتی أتتنی كتبكم و قدمت علی رسلكم أن أقدم علینا فانه لیس لنا امام لعل الله یجمعنا بك علی الهدی فان كنتم علی


ذلك فقد جئتكم فان تعطونی ما أطمئن الیه من عهودكم و مواثیقكم أقدم مصركم و ان لم تفعلوا و كنتم لمقدمی كارهین انصرفت عنكم الی المكان الذی أقبلت منه الیكم قال فسكتوا عنه و قالوا للمؤذن أقم فأقام الصلاة فقال الحسین علیه السلام للحر أترید أن تصلی بأصحابك قال لا بل تصلی انت و نصلی بصلاتك قال فصلی بهم الحسین.

ثم انه دخل و اجتمع الیه أصحابه و انصرف الحر الی مكانه الذی كان به فدخل خیمة قد ضربت له فاجتمع الیه جماعة من أصحابه و عاد أصحابه الی صفهم الذی كانوا فیه فأعادوه ثم أخذ كل رجل منهم بعنان [5] دابته و جلس فی ظلها فلما كان وقت العصر أمر الحسین أن یتهیؤا للرحیل ثم انه خرج فأمر منادیه فنادی بالعصر و أقام فاستقدم الحسین فصلی بالقوم ثم سلم و انصرف الی القوم بوجهه فحمدالله و أثنی علیه ثم قال أما بعد أیها الناس فانكم ان تتقوا و تعرفوا الحق لأهله یكن أرضی لله و نحن أهل البیت أولی بولایة هذا الأمر علیكم من هؤلاء المدعین ما لیس لهم و السائرین فیكم بالجور [6] و العدوان و ان أنتم كرهتمونا و جعلتم [7] حقنا و كان رأیكم غیر ما أتتنی كتبكم و قدمت به علی رسلكم انصرفت عنكم فقال له الحر بن یزید انا و الله ما ندری ما هذه الكتب التی تذكر فقال الحسین یا عقبة بن سمعان أخرج الخرجین اللذین فیهما كتبهم الی فأخرج خرجین مملوءین صحفا فنشرها بین أیدیهم فقال الحر فانا لسنا من هؤلاء الذین كتبوا الیك و قد أمرنا اذا نحن لقیناك ألا نفارقك حتی نقدمك علی عبیدالله بن زیاد فقال له الحسین الموت أدنی الیك من ذلك ثم قال لأصحابه قوموا فاركبوا فركبوا و انتظروا حتی ركبت نساؤهم فقال لأصحابه انصرفوا بنا فلما ذهبوا لینصرفوا حال القوم بینهم [8] و بین الانصراف فقال الحسین للحر ثكلتك أمك ما ترید قال أما و الله لو غیرك من العرب یقولها لی و هو علی مثل


الحال التی أنت علیها ما تركت ذكر أمه بالثكل أن أقوله كائنا من كان ولكن و الله مالی الی ذكر أمك من سبیل الا بأحسن ما یقدر علیه فقال له الحسین فما ترید قال الحر أرید و الله أن أنطلق بك الی عبیدالله بن زیاد قال له الحسین اذن و الله لا أتبعك فقال له الحر اذن و الله لا أدعك فترادا القول ثلاث مرات و لما كثر الكلام بینهما. قال له الحر انی لم أومر بقتالك و انما أمرت أن لا أفارقك حتی أقدمك الكوفة فاذا أبیت فخذ طریقا لا تدخلك الكوفة و لا تردك الی المدینة لتكون بینی و بینك نصفا حتی أكتب الی ابن زیاد و تكتب أنت الی یزید بن معاویة آن أردت أن تكتب الیه أو الی عبیدالله بن زیاد ان شئت فلعل الله الی ذاك أن یأتی بأمر یرزقنی فیه العافیة من أن أبتلی بشی ء من أمرك قال فخذ ههنا فتیاسر [9] ، عن طریق العذیب و القادسیة و بینه و بین العذیب ثمانیة و ثلاثون میلا ثم ان الحسین سار فی أصحابه و الحر یسایره.

قال أبومخنف عن عقبة بن أبی العیزار ان الحسین خطب أصحابه و أصحاب الحر بالبیضة فحمدالله و أثنی علیه ثم قال أیها الناس ان رسول الله صلی الله علیه و سلم قال من رأی سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد [10] الله مخالفا لسنة رسول الله صلی الله علیه و سلم یعمل فی عباد الله بالاثم و العدوان فلم یغیر علیه بفعل و لا قول كان حقا علی الله ان یدخله مدخله ألا و ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشیطان و تركوا طاعة الرحمن و أظهروا الفساد و عطلوا الحدود و استأثروا بالفی ء [11] و أحلوا حرام الله و حرموا حلاله و أنا أحق من غیر و قد أتتنی كتبكم و قدمت علی رسلكم ببیعتكم انكم لا تسلمونی [12] و لا تخذلونی فان تممتم علی بیعتكم تصیبوا رشدكم فأنا الحسین بن علی و ابن فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و سلم نفسی مع أنفسكم و أهلی مع أهلیكم فلكم فی أسوة و ان لم تفعلوا و نقضتم عهدكم و خلعتم [13] بیعتی من


أعناقكم فلعمری ما هی لكم بنكر لقد فعلتموها بأبی و أخی و ابن عمی مسلم و المغرور من اغتربكم فحظكم أخطأتم و نصیبكم ضیعتم و من نكث فانما ینكث علی نفسه و سیغنی الله عنك و السلام علیك و رحمة الله و بركاته. و قال عقبة بن أبی العیزاز قام حسین علیه السلام بذی حسم فحمد الله و أثنی علیه ثم قال انه قد نزل من الأمر ما قد ترون و ان الدنیا قد تغیرت و تنكرت و أدبر [14] معروفها و استمرت جدا فلم یبق منها الا صبابة كصبابة الاناء و خسیس [15] عیش كالمرعی الوبیل [16] ألا ترون أن الحق لا یعمل به و أن الباطل لا یتناهی عنه.

لیرغب المؤمن فی لقاء الله محقا فانی لا أری الموت الا شهادة و لا الحیاة مع الظالمین الا برما قال فقام زهیر بن القین البجلی فقال لأصحابه تكلمون أم أتكلم قالوا لا بل تكلم فحمدالله فأثنی علیه ثم قال قد سمعنا هداك الله یا ابن رسول الله مقالتك و الله لو كانت الدنیا لنا باقیة و كنا فیها مخلدین الا أن فراقها فی نصرك و مواساتك لآثرنا الخروج معك علی الاقامة فیها قال فدعا له الحسین ثم قال له خیرا و أقبل الحر یسایره و هو یقول له یا حسین انی أذكرك الله فی نفسك فانی أشهد لئن قاتلت لتقتلن و لئن قوتلت لتهلكن فیما أری فقال له الحسین أفبالموت تخوفنی و هل یعدو بكم الخطب أن تقتلونی ما أدری.

ما أقول لك ولكن أقول كما قال أخو الأوس لابن عمه و لقیه و هو یرید نصرة رسول الله صلی الله علیه و سلم فقال له أین تذهب فانك مقتول فقال:



سأمضی و ما بالموت عار علی الفتی

اذا ما نوی حقا و جاهد مسلما



و آسی الرجال الصالحین بنفسه

و فارق [17] مثبورا یغش و یرغما



قال فلما سمع ذلك منه الحر تنحی عنه و كان یسیر بأصحابه فی ناحیة و حسین فی ناحیة أخری حتی انتهوا الی عذیب الهجانات و كان بها هجائن النعمان ترعی هنالك فاذا هم بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة علی رواحلهم


یجنبون فرسا لنافع بن هلال یقال له الكامل و معهم دلیلهم الطرماح بن عدی علی فرسه و هو یقول:



یا ناقتی لا تذعری من زجری

و شمری قبل طلوع الفجر



بخیر ركبان و خیر سفر

حتی تحلی بكریم النجر



الماجد الحر رحیب الصدر

أتی به الله لخیر أمر



ثمت أبقاه بقاء الدهر

قال فلما انتهوا الی الحسین أنشدوه هذه الأبیات فقال أما و الله انی لأرجو أن یكون خیرا ما أراد الله قتلنا أم ظفرنا قال و أقبل الیهم الحر بن یزید فقال ان هؤلاء النفر الذین من أهل الكوفة لیسوا ممن أقبل معك و أنا حابسهم أو رادهم فقال له الحسین لأمنعهم مما أمنع منه نفسی انما هؤلاء أنصاری و أعوانی و قد كنت أعطیتنی ألا تعرض لی بشی ء حتی یأتیك كتاب من ابن زیاد فقال أجل لكن لم یأتوا معك قال هم أصحابی و هم بمنزلة من جاء معی فان تممت علی ما كان بینی و بینك و الا ناجزتك [18] قال قف عنهم الحر قال ثم قال لهم الحسین أخبرونی خبر الناس وراءكم فقال له مجمع بن عبدالله العائذی و هو أحد النفر الأربعة الذین جاءوه أما أشراف الناس فقد أعظمت [19] رشوتهم و ملئت غرائرهم یستمال ودهم و یستخلص به نصیحتهم فهم ألب واحد [20] علیك و أما سائر الناس بعد فان أفئدته تهوی [21] الیك و سیوفهم غدا مشهورة [22] علیك.



قال أخبرنی فهل لكم برولی الیكم قالوا من هو قال قیس بن مسهر الصیداوی فقالوا نعم أخذه الحصین بن نمیر فبعث - الی ابن زیاد فأمره ابن زیاد أن یلعنك و یلعن أباك فصلی علیك و علی أبیك و لعن ابن زیاد و أباه و دعا الی


نصرتك و أخبرهم بقدومك فأمر به ابن زیاد فألقی من طمار القصر فترقرقت عینا حسین علیه السلام و لم یملك دمعه ثم قال منهم من قضی نحبه [23] و منهم من ینتظر و ما بدلوا تبدیلا. اللهم اجعل لنا و لهم الجنة نزلا و اجمع بیننا و بینهم فی مستقر من رحمتك و رغائب مذخور [24] ثوابك.

قال أبومخنف حدثنی جمیل بن مرثد بن بنی معن عن الطرماح ابن عدی أنه دنا من الحسین فقال له و الله انی لأنظر فما أری معك أحدا ولو لم یقاتلك الا هؤلاء الذین أراهم ملازمیك لكان كفی بهم و قد رأیت قبل خروجی من الكوفة الیك بیوم ظهر الكوفة و فیه من الناس ما لم تر عینای فی صعید واحد جمعا أكثر منه فسألت عنهم فقیل اجتمعوا لیعرضوا ثم یسرحون الی الحسین فأنشدك الله ان قدرت علی ألا تقدم علیهم شبرا الا فعلت فان أردت أن تنزل بلدا یمنعك الله به حتی تری من رأیك و یستبین لك ما أنت صانع فسر حتی أنزلك مناع جبلنا الذی یدعی أجأ امتنعنا و الله به من ملوك غسان و حمیر و من النعمان بن المنذر و من الأسود و الأحمر و الله ان دخل علینا ذل قط فأسیر معك حتی أنزلك القریة ثم نبعث الی الرجال ممن بأجأ و سلمی من طی ء فوالله لا یأتی علیك عشرة أیام حتی یأتیك طی ء رجالا و ركبانا ثم أقم فینا ما بدا لك فان هاجك هیج فأنا زعیم لك بعشرین ألف طائی یضربون بین یدیك فأسیافهم و الله لا یوصل الیك أبدا و منهم عین تطرف فقال له جزاك الله و قومك خیرا انه قد كان بیننا و بین هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه علی الانصراف و لا ندری علام تنصرف بنا و بهم الأمور فی عاقبة.

قال أبومخنف فحدثنی جمیل بن مرثد قال حدثنی الطرماح بن عدی قال فودعته و قلت له دفع الله عنك شر الجن و الانس انی قد امترت لأهلی من الكوفة میرة و معی نفقة لهم فآتیهم فأضع ذلك فیهم ثم أقبل الیك ان شاء الله فان ألحقك فوالله لأكونن من أنصارك قال فان كنت فاعلا فعجل رحمك الله قال فعلمت أنه مستوحش الی الرجال حتی یسألنی التعجیل قال فلما بلغت أنه


مستوحش الی الرجال حتی یسألنی التعجیل قال فلما بلغت أهلی وضعت عندهم ما یصلحهم و أوصیت فأخذ أهلی یقولون انك لتصنع مرتك هذه شیئا ما كنت تصنعه قبل الیوم فأخبرتهم بما أرید و أقبلت فی طریق بنی ثعل حتی اذا دنوت من عذیب الهجانات استقبلنی سماعة بن بدر فنعاه الی فرجعت قال و مضی الحسین علیه السلام حتی انتهی الی قصر بنی مقاتل فنزل به فاذا هو بفسطاط مضروب.

قال أبومخنف حدثنی المجالد بن سعید عن عامر الشعبی أن الحسین بن علی رضی الله عنه قال لمن هذا الفسطاط فقیل لعبیدالله بن الحر الجعفی قال ادعوه لی و بعث الیه فلما أتاه الرسول قال هذا الحسین بن علی یدعوك فقال عبیدالله بن الحر انا لله و انا الیه راجعون و الله ما خرجت من الكوفة الا كراهة أن یدخلها الحسین و أنا بها و الله ما أرید أن أراه و لا یرانی فأتاه الرسول فأخبره فأخذ الحسین نعلیه فانتعل ثم قام فجاءه حتی دخلت علیه فسلم و جلس ثم دعاه الی الخروج معه فأعاد الیه ابن الحر تلك المقالة فقال فالا تنصرنا فاتق الله أن تكون ممن یقاتلنا فوالله لا یسمع واعیتنا أحد ثم لا ینصرنا الا هلك قال أما هذا فلا یكون أبدا ان شاء الله ثم قام الحسین علیه السلام من عنده حتی دخل رحله.

قال أبومخنف حدثنی عبدالرحمن بن جندب عن عقبة بن سمعان قال لما كان فی آخر اللیل أمر الحسین بالاستقاء من الماء ثم أمرنا بالرحیل ففعلنا قال فلما ارتحلنا من قصر بنی مقاتل و سرنا ساعة خفق الحسین برأسه خفقة ثم انتبه و هو یقول انا لله و انا الیه راجعون و الحمدلله رب العالمین قال ففعل ذلك مرتین أو ثلاثا قال فأقبل الیه ابنه علی بن الحسین علی فرس له فقال انا لله و انا الیه راجعون و الحمدلله رب العالمین یا أبت جعلت فداك مم حمدت الله و استرجعت [25] قال یا بنی انی خفقت [26] برأسی خفقة فعن لی [27] فارس علی فرس فقال القوم یسیرون و المنایا تسری [28] الیهم فعلمت أنها أنفسنا نعیت الینا قال له یا أبت لا أراك الله سوءا ألسنا علی الحق قال بلی و الذی الیه مرجع العباد


قال یا أبت اذا لا نبالی نموت محقین فقال له جزاك الله من ولد خیر ما جزی ولدا عن والده قال فلما أصبح نزل فصلی الغداة ثم عجل الركوب فأخذ یتیاسر بأصحابه یرید أن یفرقهم فیأتیه الحر بن یزید فیردهم فیرده فجعل اذا ردهم الی الكوفة ردا شدیدا امتنعوا علیه فارتفعوا فلم یزالوا یتسایرون حتی انتهوا الی نینوی المكان الذی نزل به الحسین قال فاذا راكب علی نجیب له و علیه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة فوقفوا جمیعا ینتظرونه فلما انتهی الیهم سلم علی الحر بن یزید و أصحابه و لم یسلم علی الحسین علیه السلام و أصحابه فدفع الی الحر كتابا من عبیدالله بن زیاد فاذا فیه. أما بعد فجعجع [29] بالحسین حین یبلغك كتابی و یقدم علیك رسولی فلا تنزله بالعراء فی غیر حصن و علی غیر ماء و قد أمرت رسولی أن یلزمك و لا یفارقك حتی یأتینی بانفاذك أمری و السلام قال فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر هذا كتاب الأمیر عبیدالله بن زیاد یأمرنی فیه أن أجعجع بكم فی المكان الذی یأتینی فیه كتابه و هذا رسوله و قد أمره أن لا یفارقنی حتی أنفذ رأیه و أمره فنظر الی رسول عبیدالله یزید بن زیاد بن المهاصر أبوالشعثاء الكندی ثم النهدی فعن له فقال أمالك بن النسیر البدی قال نعم و كان أحد كندة فقال له یزید بن زیاد ثكلتك أمك ماذا جئت فیه قال و ما جئت فیه أطعمت امامی و وفیت ببیعتی فقال له أبوالشعثاء عصیت ربك و أطعمت امامك فی هلاك نفسك كسبت العار و النار قال الله عزوجل (و جعلنا منهم أئمة یدعون الی النار و یوم القیامة لا ینصرون) فهو امامك.

قال و أخذ الحر بن یزید القوم بالنزول فی ذلك المكان علی غیر ماء و لا فی قریة فقالوا دعنا ننزل فی هذه القریة یعنون نینوی أو هذه القریة یعنون الغاضریة أو هذه الأخری یعنون شفیة فقال لا و الله ما أستطیع ذلك هذا رجل قد بعث الی عینا فقال له زهیر بن القین یا ابن رسول الله ان قتال هؤلاء أهون من قتال من یأتینا من بعدهم فلعمری لیأتینا من بعد من تری ما الا قبل لنا به فقال له الحسین ما كنت لأبدأهم بالقتال فقال له زهیر بن القین سر بنا الی هذه القریة حتی تنزلها فانها حصینة و هی علی شاطی ء الفرات فان منعونا قاتلناهم فقتالهم


أهون علینا من قتال من یجی ء من بعدهم فقال له الحسین و أیة قریة هی قال هی العقر فقال الحسین اللهم انی أعوذ بك من العقر ثم نزل و ذلك یوم الخمیس و هو الیوم الثانی من المحرم سنة 61 فلما كان من الغد قدم علیهم عمر بن سعد بن أبی وقاص من الكوفة فی أربعة آلاف قال و كان سبب خروج ابن سعد الی الحسین علیه السلام أن عبیدالله بن زیاد بعثه علی أربعة آلاف من أهل الكوفة یسیر بهم الی دستبی و كانت الدیلم قد خرجوا الیها و غلبوا علیها فكتب الیه ابن زیاد عهده علی الری [30] و أمره بالخروج فخرج معسكرا بالناس بحمام أعین فلما كان من أمر الحسین ما كان و أقبل الی الكوفة دعا ابن زیاد عمر بن سعد فقال سر الی الحسین فاذا فرغنا مما بیننا و بینه سرت الی عملك فقال له عمر بن سعد ان رأیت رحمك الله أن تعفینی فافعل فقال له عبیدالله نعم علی أن ترد لنا عهدنا قال فلما قال له ذلك قال عمر بن سعد أمهلنی الیوم حتی أنظر قال فانصرف عمر یستشیر نصحاءه فلم یكن یستشیر أحدا الا نهاه قال و جاء حمزة بن المغیرة بن شعبة و هو ابن أخته فقال أنشدك الله یا خال أن تسیر الی الحسین فتأثم بربك و تقطع رحمك فوالله لأن تخرج من دنیاك و مالك و سلطان الأرض كلها لو كان لك خیر لك من أن تلقی الله بدم الحسین فقال له عمر بن سعد فانی أفعل ان شاء الله قال هشام حدثنی عوانة بن الحكم عن عمار بن عبدالله بن یسار الجهنی عن أبیه قال دخلت علی عمر بن سعد و قد أمر بالمسیر الی الحسین فقال لی ان الأمیر أمرنی بالمسیر الی الحسین فأبیت ذلك علیه فقلت له أصاب الله بك أرشدك الله أحل فلا تفعل و لا تسر الیه قال فخرجت من عنده فأتانی آت و قال هذا عمر بن سعد یندب الناس الی الحسین قال فأتیته فاذا هو جالس فلما رآنی أعرض بوجهه فعرفت أنه قد عزم علی المسیر الیه فخرجت من عنده قال فأقبل عمر بن سعد الی ابن زیاد فقال أصلحك الله انك و لیتنی هذا العمل و كتبت لی العهد و سمع به الناس فان رأیت أن تنفذ لی ذلك فافعل و ابعث الی الحسین فی هذا الجیش من أشراف الكوفة من لست بأغنی و لا أجزأ عنك فی الحرب منه.

فسمی له أناسا فقال له ابن زیاد لا تعلمنی بأشراف أهل الكوفة و لست


أستأمرك فیمن أرید أن أبعث ان سرت بجندنا و الا فابعث الینا بعهدنا فلما رآه قد لج قال فانی سائر قال فأقبل فی أربعة آلاف حتی نزل بالحسین من الغد من یوم نزل الحسین نینوی قال فبعث عمر بن سعد الی الحسین علیه السلام عزرة بن قیس الأحمسی فقال ائته فسله ما الذی جاء به و ماذا یرید و كان عزرة ممن كتب الی الحسین فاستحیا منه أن یأتیه قال فعرض ذلك علی الرؤساء الذین كاتبوه فكلهم أبی و كرهه قال و قام الیه كثیر بن عبدالله الشعبی و كان فارسا شجاعا لیس یرد وجهه شی ء فقال أنا أذهب الیه و الله لئن شئت لأفتكن به فقال له عمر بن سعد ما رید أن یفتك به ولكن ائته فسله ما الذی جاء به قال فأقبل الیه فلما رآه أبوثمامة الصائدی قال للحسین أصلحك الله أباعبدالله قد جاءك شر أهل الأرض و أجرأه علی دم و أفتكه فقام الیه فقال ضع سیفك قال لا و الله و لا كرامة انما أنا رسول فان سمعتم منی أبلغتكم ما أرسلت به الیكم و ان أبیتم انصرفت عنكم فقال له فانی آخذ بقائم سیفك ثم تكلم بحاجتك قال لا و الله لا تمسه فقال له أخبرنی ما جئت به و أنا أبلغه عنك و لا أدعك تدنو منه فانك فاجر قال فاستبا ثم انصرف الی عمر بن سعد فأخبره الخبر قال فدعا عمر قره بن قیس الحنظلی فقال له ویحك یا قرة الق حسینا فسله ما جاء به و ماذا یرید قال فأتاه قرة بن قیس فلما رآه الحسین مقبلا قال أتعرفون هذا فقال حبیب بن مظاهر نعم هذا رجل من حنظلة تمیمی و هو ابن أختنا و لقد كنت أعرفه بحسن الرأی و ما كنت أراه یشهد هذا المشهد قال فجاء حتی سلم علی الحسین و أبلغه رسالة عمر بن سعد الیه له فقال الحسین كتب الی أهل مصركم هذا أن أقدم فأما أذكر هونی فأنا أنصرف عنهم قال ثم قال له حبیب بن مظاهر ویحك یا قرة بن قیس أنی ترجع الی القوم الظالمین انصر هذا الرجل الذی بآبائه أیدك الله بالكرامة و ایانا معك فقال له قرة أرجع الی صاحبی بجواب رسالته و أری رأیی قال فانصرف الی عمر بن سعد فأخبره الخبر فقال له عمر بن سعد انی لأرجو أن یعافینی الله من حربه و قتاله.

قال هشام عن أبی مخنف قال حدثنی النضر بن صالح بن حبیب بن زهیر العبسی عن حسان بن فائد بن بكر العبسی قال أشهد أن كتاب عمر بن سعد


جاء الی عبیدالله بن زیاد و أنا عنده فاذا فیه.

بسم الله الرحمن الرحیم أما بعد فانی حیث نزلت بالحسین بعثت الیه رسولی فسألته عما أقدمه و ماذا یطلب و یسأل فقال كتب الی أهل هذه البلاد و أتتنی رسلهم فسألونی القدوم ففعلت فأما اذ كرهونی فبدالهم غیر ما أتتنی به رسلهم فأنا منصرف عنهم فلما قری ء الكتاب علی ابن زیاد قال:



الآن اذ علقت مخالبنا به

یرجو النجاة ولات حین مناص [31] .



قال و كتب الی عمر بن سعد:

بسم الله الرحمن الرحیم أما بعد فقد بلغنی كتابك و فهمت ما ذكرت فأعرض علی الحسین أن یبایع لیزید بن معاویة هو و جمیع أصحابه فاذا فعل ذلك رأینا رأینا و السلام قال فلما أتی عمر بن سعد الكتاب قال قد حسبت ألا یقبل ابن زیاد العافیة.

قال أبومخنف حدثنی سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم الأزدی قال جاء من عبیدالله بن زیاد كتاب الی عمر بن سعد أما بعد فحل بین الحسین و أصحابه و بین الماء و لا یذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقی الزكی المظلوم أمیرالمؤمنین عثمان بن [32] عفان قال فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج علی خمسمائة فارس فنزلوا علی الشریعة و حالوا بین حسین و أصحابه و بین الماء أن یسقوا منه قطرة و ذلك قبل قتل الحسین بثلاث قال و نازله عبدالله بن أبی حصین الأزدی و عداده فی بجیلة فقال یا حسین ألا تنظر الی الماء كأنه كبد السماء و الله لا تذوق منه قطرة حتی تموت عطشا فقال حسین اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له أبدا قال حمید بن مسلم و الله لعدته بعد ذلك فی مرضه فوالله الذی لا اله الا هو لقد رأیته یشرب حتی بغر ثم یقی ء ثم فیشرب حتی یبغر فما یروی فمازال ذلك دأبه حتی لفظ غصته یعنی نفسه قال و لما اشتد علی الحسین و أصحابه العطش دعا العباس بن علی بن أبی طالب أخاه فبعثه فی ثلاثین فارسا و عشرین راجلا و بعث معهم بعشرین قربة [33] فجاءوا حتی دنوا من الماء لیلا و استقدم


امامهم باللواء نافع بن هلال الجملی فقال عمرو بن الحجاج الزبیدی من الرجل فجی ء ما جاء بك قال جئنا نشرب من هذا الماء الذی حلأتمونا [34] عنه قال فاشرب هنیئا قال لا و الله لا أشرب منه قطرة و حسین عطشان و من تری من أصحابه فطلعوا علیه فقال لا سبیل الی سقی هؤلاء انما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء فلما دنا منه [35] أصحابه قال لرجاله املؤا قربكم فشد الرجالة فملؤا قربهم و ثار الیهم عمرو بن الحجاج و أصحابه فحمل علیهم العباس ابن علی و نافع بن هلال فكفوهم ثم انصرفوا الی رحالهم فقالوا امضوا و وقفوا دونهم فعطف علیهم عمرو بن الحجاج و أصحابه و اطردوا قلیلا ثم ان رجلا من صداء طعن من أصحاب عمرو بن الحجاج طعنه نافع بن هلال فظن أنها لیست بشی ء ثم انها انتقضت بعد ذلك فمات منها و جاء أصحاب حسین بالقرب فأدخلوها علیه.

قال أبومخنف حدثنی أبوجناب عن هانی ء بن ثبیت الحضرمی و كان قد شهد قتل الحسین قال بعث الحسین علیه السلام الی عمر بن سعد عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاری أن القنی اللیل بین عسكری و عسكرك قال فخرج عمر بن سعد فی نحو من عشرین فارسا و أقبل حسین فی مثل ذلك فلما التقوا أمر حسین أصحابه أن یتنحوا عنه و أمر عمر بن سعد أصحابه بمثل قلك قال فانكشفنا [36] عنهما بحیث لا نسمع أصواتهما و لا كلامهما فتكلما فأطالا حتی ذهب من اللیل [37] هزیع ثم انصرف كل واحد منهما الی عسكره فأصحابه و تحدث الناس فیما بینهما ظنا یظنونه أن حسینا قال لعمر بن سعد اخرج معی الی یزید بن معاویة و ندع العسكرین قال عمر اذن تهدم داری قال أنا أبنیها لك قال اذن تؤخذ ضیاعی قال اذن أعصیك خیر امنها من مالی بالحجاز قال فتكره ذلك عمر قال فتحدث الناس بذلك و شاع فیهم من غیر أن یكونوا سمعوا من ذلك شیئا و لا علموه.


قال أبومخنف و أما ما حدثنا به المجالد بن سعید و الصقعب بن زهیر الأزدی و غیرهما من المحدثین فهو ما علیه جماعة المحدثین قالوا انه قال اختاروا منی خصالا ثلاثا اما أن أرجع الی المكان الذی أقبلت منه و أما أن أضع یدی فی ید یزید بن معاویة فیری فیما بینی و بینه رأیه و اما أن تسیرونی الی أی ثغر من ثغور المسلمین شئتم فأكون رجلا من أهله لی ما لهم و علی ما علیهم.

قال أبومخنف فأما عبدالرحمن بن جندب فحدثنی عن عقبة بن سمعان قال صحبت حسینا فخرجت معه من المدینة الی مكة و من مكة الی العراق و لم أفارقه حتی قتل و لیس من مخاطبته الناس كلمة بالمدینة و لا بمكة و لا فی الطریق و لا بالعراق و لا فی عسكر الی یوم مقتله الا و قد سمعتها الا و الله ما أعطاهم ما یتذاكر الناس و ما یزعمون من أن یضع یده فی ید یزید بن معاویة و لا أن یسیروه الی ثغر من ثغور المسلمین ولكنه قال دعونی فلأذهب فی هذه الأرض العریضة حتی ننظر ما یصیر أمر الناس [38] .

قال أبومخنف حدثنی المجالد بن سعید الهمدانی و الصقعب بن زهیر أنهما كانا التقیا مرارا ثلاثا أو أربعا حسین و عمر بن سعد قال فكتب عمر بن سعد الی عبیدالله بن زیاد أما بعد فان الله قد أطفأ النائرة و جمع الكلمة و أصلح أمر الأمة هذا حسین قد أعطانی أن یرجع الی المكان الذی منه أتی أو أن نسیره الی أی ثغر من ثغور المسلمین شئنا فیكون رجلا من المسلمین له ما لهم و علیه ما علیهم أو أن یأتی یزید أمیرالمؤمنین فیضع یده فی یده فیری فیما بینه و بینه رأیه و فی هذا لكم رضی و للأمة صلاح قال فلما قرأ عبیدالله الكتاب قال هذا كتاب رجل ناصح لأمیره مشفق علی قومه نعم قد قبلت قال فقام الیه شمر بن ذی الجوشن فقال أتقبل هذا منه و قد نزل بأرضك الی جنبك و الله لئن رحل من بلدك و لم یضع یده فی یدك لیكونن أولی بالقوة و العز و لتكونن أولی بالضعف و العجز فلا تعطه هذه المنزلة فانها من الوهن ولكن لینزل علی حكمك هو و أصحابه فان عاقبت فأنت ولی العقوبة و ان غفرت كان ذلك لك و الله لقد بلغنی أن حسینا


و عمر بن سعد یجلسان بین العسكرین فیتحدثان عامة اللیل [39] فقال له ابن زیاد نعم ما رأیت الرأی رأیك.

قال أبومخنف فحدثنی سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم قال ثم ان عبیدالله بن زیاد دعا شمر بن ذی الجوشن فقال له اخرج بهذا الكتاب الی عمر بن سعد فلیعرض علی الحسین و أصحابه النزول علی حكمی فان فعلوا فلیبعث بهم الی سلما و ان أبوا فلیقاتلهم فان فعل فاسمع له و أطع و ان هو أبی فقاتلهم فأنت أمیر الناس و ثب علیه فاضرب عنقه و ابعث الی برأسه.

قال أبومخنف حدثنی أبوجناب الكلبی قال ثم كتب عبیدالله بن زیاد الی عمر بن سعد أما بعد فانی لم أبعثك الی حسین لتكف عنه و لا لتطاوله و لا لتمنیه السلامة و البقاء و لا لتقعد له عندی شافعا، أنظر فان نزل حسین و أصحابه علی الحكم و استسلموا فابعث بهم الی سلما و ان أبوا [40] فازحف الیهم حتی تقتلهم و تمثل بهم فانهم لذلك مستحقون فان قتل حسین فأوط الخیل صدره و ظهره فانه عاق مشاق قاطع ظلوم و لیس دهری فی هذا أن یضر بعد الموت شیئا ولكن علی قول لو قد قتلته فعلت هذا به ان أنت مضیت لأمرنا فیه جزیناك جزاء السامع المطیع و ان أبیت فاعتزل عملنا و جندلأا و خل بین شمر بن ذی الجوشن و بین العسكر فانا قد أمرناه بأمرنا و السلام.

قال أبومخنف عن الحارث بن حصیرة عن عبدالله بن شریك العامری قال لما قبض شمر بن ذی الجوشن الكتاب قام هو عبدالله بن أبی المحل و كانت عمته أم البنین ابنة حزام عند علی بن أبی طالب علیه السلام فولدت له العباس و عبدالله و جعفرا و عثمان فقال عبدالله بن أبی المحل بن حزام بن خالد بن ربیعة بن الوحید بن كعب بن عامر بن كلاب أصلح الله الأمیر ان بنی اختنا مع الحسین فان رأیت أن تكتب لهم أمانا فعلت قال نعم و نعمة عین فأمر كاتبه فكتب لهم أمانا فبعث به عبدالله بن أبی المحل مع مولی له یقال له كزمان فلما


قدم علیهم دعاهم فقال هذا أمان بعث به خالكم فقال له الفتیة أقری ء خالنا السلام و قل له أن لا حاجة لنا فی أمانكم أمان الله خیر من أمان ابن سمیة قال فأقبل شمر بن ذی الجوشن بكتاب عبیدالله بن زیاد الی عمر بن سعد فلما قدم به علیه فقرأه و قال له عمر مالك ویلك لا قرب الله دارك و قبح الله ما قدمت به علی والله انی لأظنك أنت ثنیته أن یقبل ما كتبت به الیه أفسدت علینا أمرا كنا رجونا أن یصلح لا یستسلم و الله حسین ان نفسا أبیة لبین جنبیه فقال له شمر أخبرنی ما أنت صانع أتمضی لأمر أمیرك و تقتل عدوه و الا فخل بینی و بین الجند و العسكر قال لا و لا كرامة لك و أنا أتولی ذلك قال فدونك و كن أنت علی الرجال قال فنهض الیه عشیة الخمیس لتسع مضین من المحرم قال و جاء شمر حتی وقف علی أصحاب الحسین فقال أین بنو أختنا فخرج الیه العباس و جعفر و عثمان بنو علی فقالوا له مالك و ما ترید قال أنتم یا بنی أختی آمنون قال له الفتیة لعنك الله و لعن أمانك لئن كنت خالنا أتؤمننا و ابن رسول الله لا أمان له قال ثم ان عمر بن سعد [41] نادی یا خیل الله اركبی و أبشری فركب فی الناس ثم زحف نحوهم بعد صلاة العصر و حسین جالس امام بیته محتبیا بسیفه اذ خفق برأسه علی ركبتیه و سمعت أخته زینب الصیحة فدنت من أخیها فقالت یا أخی أما تسمع الأصوات قد اقتربت قال فرفع الحسین رأسه فقال انی رأیت رسول الله صلی الله علیه و سلم فی المنام فقال لی انك تروح الینا قال فلطمت أخته وجهها و قالت یا ویلتا فقال لیس لك الویل یا أخیتی اسكنی رحمك الرحمن و قال العباس بن علی یا أخی أتاك القوم قال فنهض ثم قال یا عباس اركب بنفسی أنت یا أخی حتی تلقاهم فتقول لهم مالكم و ما بدا لكم و تسألهم عما جاء بهم فأتاهم العباس فاستقبلهم فی نحو من عشرین فارسا فیهم زهیر بن القین و حبیب بن مظاهر فقال لهم العباس ما بدا لكم و ما تریدون قالوا جاء أمر الأمیر بأن نعرض علیكم أن تنزلوا علی حكمه أو ننازلكم [42] قال فلا تعجلوا حتی أرجع الی أبی عبدالله فأعرض علیه ما ذكرتم قال فوقفوا ثم قالوا القه فأعلمه ذلك ثم القنا بما یقول قال فانصرف


العباس راجعا یركض الی الحسین یخبره بالخبر و وقف أصحابه یخاطبون القوم فقال حبیب بن مظاهر لزهیر بن القین كلم القوم ان شئت و ان شئت كلمتهم فقال له زهیر أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلمهم فقال له حبیب بن مظاهر أما و الله لبئس القوم عندالله غدا قوم یقدمون علیه قد قتلوا ذریة نبیه علیه السلام و عترته و أهل بیته صلی الله علیه و سلم و عباد أهل هذا المصر المجتهدین بالأسحار و الذاكرین الله كثیرا فقال له عزرة بن قیس انك لتزكی نفسك ما استطعت فقال له زهیر یا عزرة أن الله قد زكاها و هداها فاتق الله یا عزرة فانی لك من الناصحین أنشدك الله با عزرة أن تكون ممن یعین الضلال علی قتل النفوس الزكیة قال یا زهیر ما كنت عندنا من شیعة أهل هذا البیت انما كنت عثمانیا قال أفلست تستدل بموقفی هذا أنی منهم أما والله ما كتبت الیه كتابا قط و لا أرسلت الیه رسولا قط و لا وعدته نصرتی قط ولكن الطریق جمع بنی و بینه فلما رأیته ذكرت به رسول الله صلی الله علیه و سلم و مكانه منه و عرفت ما یقدم علیه من عدوه و حزبكم فرأیت أن أنصره و أن أكون فی حزبه و أن أجعل نفسی دون نفسه حفظا لما ضیعتم من حق الله و حق رسوله علیه السلام قال و أقبل العباس بن علی یركض [43] حتی انتهی الیهم فقال یا هؤلاء ان أباعبدالله یسألكم أن تنصرفوا هذه العشیة حتی ینظر فی هذا الأمر فان هذا أمر لم یحر بینكم و بینه فیه منطق فاذا أصبحنا التقینا ان شاء الله فاما رضیناه فأتینا بالأمر الذی تسألونه و تسومونه أو كرهنا فرددناه و انما أراد بذلك أن یردهم عنه تلك العشیة حتی یأمر بأمره و یوصی أهله فلما أتاهم العباس بن علی بذلك قال عمر بن سعد ما تری یا شمر قال ما تری أنت أنت الأمیر و الرأی رأیك قال قد أردت ألا أكون ثم أقبل علی الناس فقال ماذا ترون فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبیدی سبحان الله و الله لو كانوا من الدیلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ینبغی لك أن تجیبهم الیها و قال قیس بن الأشعث أجبهم الی ما سألوك فلعمری لصبحنك بالقتال غدوة فقال و الله لو أعلم أن یفعلوا ما أخرجتهم العشیة قال و كان العباس بن علی حین أتی حسینا بما عرض علیه عمر بن سعد قال ارجع الیهم فان استطعت أن تؤخرهم الی غدوة و تدفعهم


عند العشیة لعلنا نصلی لربنا اللیلة و ندعوه و نستغفره فهو یعلم أنی قد كنت أحب الصلاة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعاء و الاستغفار.

قال أبومخنف حدثنی الحارث بن حصیرة عن عبدالله بن شریك العامری عن علی بن الحسین قال أتانا رسول من قبل عمر بن سعد فقام مثل حیث یسمع الصوت فقال انا قد أجلناكم الی غد فان استسلمتم سرحنا بكم الی أمیرنا عبیدالله بن زیاد و ان أبیتم فلسنا تاركیكم.

قال أبومخنف و حدثنی عبدالله بن عاصم الفائشی عن الضحاك بن عبدالله المشرقی بطن من همدان أن الحسین بن علی علیه السلام جمع أصحابه.

قال أبومخنف و حدثنی أیضا الحارث بن حصیرة عن عبدالله بن شریك العامری عن علی بن الحسین قالا جمع الحسین أصحابه بعد ما رجع عمر بن سعد و ذلك عند قرب المساء قال علی بن الحسین فدنوت منه لأسمع و أنا مریض فسمعت أبی و هو یقول لأصحابه: أثنی علی الله تبارك و تعالی أحسن الثناء و أحمده علی السراء و الضراء اللهم انی أحمدك علی أن أكرمتنا بالنبوة و علمتنا القرآن و فقهتنا فی الدین و جعلت لنا أسماعا و أبصارا و أفئدة و لم تجعلنا من المشركین أما بعد فانی لا أعلم أصحابنا أولی و لا خیرا من أصحابی و لا أهل بیت أبر و لا أوصل من أهل بیتی فجزاكم الله عنی جمیعا خیرا ألا و انی أظن یومنا من هؤلاء الأعداء غدا ألا و انی قد رأیت لكم فانطلقوا جمیعا فی حل لیس علیكم منی ذمام هذا لیل قد غشیكم فاتخذوه جملا.

قال أبومخنف حدثنا عبدالله بن عاصم الفائشی بطن من همدان عن الضحاك بن عبدالله المشرقی قال قدمت و مالك بن النضر الأرحبی علی الحسین فسلمنا علیه ثم جلسنا الیه فرد علینا و رحب بنا و سألنا عما جئنا له فقلنا جئنا لنسلم علیك و ندعو الله بالعافیة و نحدث بك عهدا و نخبرك خبر الناس و انا نحدثك أنهم قد جمعوا علی حربك فر رأیك فقال الحسین علیه السلام حسبی الله و نعم الوكیل قال فتذممنا و سلمنا علیه و دعونا الله له قال فما یمنعكما من نصرتی فقال مالك بن النضر علی دین ولی عیال فقلت له ان علی دینا و ان لی لعیالا


ولكنك ان جعلتنی فی حل من الانصراف اذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان لك نافعا و عنك دافعا قال قال فأنت فی حل فأقمت معه فلما كان اللیل قال هذا اللیل قد غشیكم فاتخذوه جملا ثم لیأخذ كل رجل منكم بید رجل من أهل بیتی ثم تفرقوا فی سوادكم و مدائنكم حتی یفرج الله فان القوم انما طلبونی ولو قد أصابونی لهوا [44] عن طلب غیری فقال له اخوته و أبناؤه و بنو أخیه و ابنا عبدالله ابن جعفر لم نفعل لنبقی بعدك لا أرانا الله ذلك أبدا بدأهم بهذا القول العباس ابن علی ثم انهم تكلموا بهذا و نحوه فقال الحسین علیه السلام یا بنی عقیل حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا قد أذنت لكم قالوا فما یقول الناس یقولون انا تركنا شیخنا و سیدنا و بنی عمومتنا خیر الأعمام و لم نرم معهم بسهم و لم نطعن معهم برمح و لم نضرب معهم بسیف و لا ندری ما صنعوا لا و الله لا نفعل ولكن تفدیك أنفسنا و أموالنا و أهلونا و نقاتل معك حتی نرد موردك فقبح الله العیش بعدك.

قال أبومخنف حدثنی عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقی قال فقام الیه مسلم بن عوسجة الأسدی فقال أنحن نخلی عنك و لما نعذر الی الله فی أداء حقك أما و الله حتی أكسر فی صدورهم رمحی و أضربهم بسیفی ما ثبت قائمه فی یدی و لا أفارقك ولو لم یكن معی سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتی أموت معك قال و قال سعد بن عبدالله الحنفی و الله لا نخلیك حتی یعلم الله أنا قد حفظنا غیبة رسول الله صلی الله علیه و سلم فیك و الله لو علمت أنی أقتل ثم أحیا ثم أحرق حیا ثم أذر یفعل ذلك بی سبعین مرة ما فارقتك حتی ألقی حمامی دونك فكیف لا أفعل ذلك و انما هی قتلة واحدة ثم هی الكرامة التی لا انقضاء لها أبدا قال و قال زهیر بن القین و الله لوددت أنی قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتی أقتل كذا ألف قتلة و أن الله یدفع بذلك القتل عن نفسك و عن أنفس هؤلاء الفتیة من أهل بیتك قال و تكلم جماعة أصحابه بكلام یشبه بعضه بعضا فی وجه واحد فقالوا و الله لا نفارقك ولكن أنفسنا لك الفداء نقیك بنحورنا و جباهنا و أیدینا فاذا نحن قتلنا كنا و فینا و قضینا ما علینا.


قال أبومخنف حدثنی الحارث بن كعب و أبوالضحاك عن علی بن الحسین ابن علی قال انی جالس فی تلك العشیة التی قتل أبی صبیحتها و عمتی زینب عندی تمرضنی اذا اعتزل أبی بأصحابه فی خباء له و عنده حوی مولی أبی ذر الغفاری و هو یعالج سیفه و یصلحه و أبی یقول:



یا دهر أف لك من خلیل

كم لك بالاشراق و الأصیل



من صاحب أو طالب قتیل

و الدهر لا یقنع بالبدیل



و انما الأمر الی الجلیل

و كل حی سالك السبیل



قال فأعادها مرتین أو ثلاثا حتی فهمتها ما أراد فخنقتنی عبرتی [45] فرددت دمعی و لزمت السكون فعلمت أن البلاء قد نزل فأما عمتی فانها سمعت ما سمعت و هی امرأة و فی النساء الرقة و الجزع فلم تملك نفسها أن و ثبت تجر ثوبها و انها لحاسرة [46] حتی انتهت الیه فقالت و اثكلاه لیت الموت أعدمنی الحیاة الیوم ماتت فاطمة أمی و علی أبی و حسن أخی یا خلیفة الماضی و ثمال [47] الباقی قال فنظر الیها الحسین علیه السلام فقال یا أخیة لا یذهبن حلمك الشیطان قالت بأبی أنت و أمی یا أباعبدالله استقتلت نفسی فداك فرد غصته و ترقرقت عیناه و قال لو ترك القطا لیلا لنام قالت یا ویلتی أفتغصب نفسك اغتصابا فذلك أقرح لقلبی و أشد علی نفسی و لطمت وجهها و أهوت الی جیبها و شقته و خرت [48] مغشیا علیها فقام الیها الحسین فصب علی وجهها الماء و قال لها یا أخیة اتقی الله و تعزی بعزاء الله و اعلمی أن أهل الأرض یموتون و أن أهل السماء لا یبقون و أن كل شی ء هالك الا وجه الله الذی خلق الأرض بقدرته و یبعث الخلق فیعودون و هو فرد وحده أبی خیر منی و أمی منی و أخی خیر منی ولی و لهم و لكل مسلم برسول الله أسوة قال فعزاها بهذا و نحوه و قال لها یا أخیة انی أقسم علیك فأبری


قسمی لا تشقی علی جیبا و لا تخمشی [49] علی وجها و لا تدعی علی بالویل و الثبور [50] اذا أنا هلكت قال ثم جاء بها حتی أجلسها عندی و خرج الی أصحابه فأمرهم أن یقربوا بعض بیوتهم من بعض و أن یدخلوا الأطناب [51] بعضها فی بعض و أن یكونوا هم بین البیوت الا الوجه الذی یأتیهم منه عدوهم.

قال أبومخنف عن عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقی قال فلما أمسی حسین و أصحابه قاموا اللیل كله یصلون و یستغفرون و یدعون و یتضرعون قال فتمر بنا خیل لهم تحرسنا و ان حسینا لیقرأ ألا لیحسبن الذین كفروا أنما نملی لهم خیر لأنفسهم انما لهم لیزداد اثما و لهم عذاب مهین ما كان الله لیذر المؤمنین علی ما أنتم علیه حتی یمیز الخبیث من الطیب: فسمعها رجل من تلك الخیل التی كانت تحرسنا فقال نحن و رب الكعبة الطیبون میزنا منكم قال فعرفته فقلت لبریر بن حضیر تدری من هذا قال لا قلت هذا أبوحرب الشبیعی عبدالله بن شهر و كان مضحاكا بطالا و كا شریفا شجاعا فاتكا و كان سعید بن قیس ربما حبسه فی جنایة فقال له بریر بن حضیر یا فاسق أنت یجعلك الله فی الطیبین فقال له من أنت قال أنا بریر بن حضیر قال انا لله عز علی هلكت و الله هلكت و الله یا بریر قال یا أباحرب هل لك أن تتوب الی الله من ذنوبك العظام فوالله انا لنحن الطیبون ولكنكم لأنتم الخبیثون قال و أنا علی ذلك من الشاهدین قلت ویحك أفلا ینفعك معرفتك قال جعلت فداك فمن ینادم یزید بن عذرة العنزی من عنز بن وائل قال ها هو ذا معی قال قبح الله رأیك علی كل حال أنت سفیه قال ثم انصرف عنا و كان الذی یحرسنا باللیل فی الخیل عزرة بن قیس الأحمسی و كان علی الخیل قال فلما صلی عمر بن سعد الغداة یوم السبت و قد بلغنا أیضا أنه كان یوم الجمعة و كان ذلك الیوم یوم عاشوراء خرج فیمن معه من الناس قال و عبأ الحسین أصحابه و صلی بهم صلاة الغداة و كان معه اثنان و ثلاثون فارسا و أربعون راجلا فجعل زهیر بن القین فی میمنة أصحابه و حبیب بن مظاهر


فی میسرة أصحابه و أعطی رایته العباس بن علی أخاه و جعلوا البیوت فی ظهورهم و أمر بحطب و قصب كان من رواء البیوت تحرق بالنار مخافة أن یأتوهم من ورائهم قال و كان الحسین علیه السلام أتی بقصب و حطب الی مكان من ورائهم منخفض كأنه ساقیة فحفروه فی ساعة من اللیل فجعلوه كالخندق ثم ألقوا فیه ذلك الحطب و القصب و قالوا اذا عدوا علینا فقاتلونا ألقینا فیه النار كیلا نؤتی من ورائنا و قاتلونا القوم من وجه واحد ففعلوا و كان لهم نافعا.

قال أبومخنف حدثنی فضیل بن خدیج الكندی عن محمد بن بشر عن عمرو الحضرمی قال لما خرج عمر بن سعد بالناس كان علی ربع أهل المدینة یومئذ عبدالله بن زهیر بن سلیم الأزدی و علی ربع مذحج و أسد عبدالرحمن بن أبی سبرة الحنفی و علی ربع ربیعة و كندة قیس بن الأشعث بن قیس و علی ربع تمیم و همدان الحر بن یزید الریاحی فشهد هؤلاء كلهم مقتل الحسین الا الحر بن یزید فانه عدل الی الحسین و قتل معه و جعل عمر علی میمنته عمرو بن الحجاج الزبیدی و علی میسرته شمر بن ذی الجوشن بن حبیل [52] بن الأعور بن عمر بن معاویة و هو الضباب بن كلاب و علی الخیل عزرة بن قیس الأحمسی و علی الرجال شبث بن ربعی الیربوعی و أعطی الرایة ذویدا مولاه.

قال أبومخنف حدثنی عمرو بن مرة الجملی عن أبی صالح الحنفی عن غلام لعبدالرحمن بن عبد ربه الأنصاری قال كنت مع مولای فلما حضر الناس و أقبلوا الی الحسین أمر الحسین بفسطاط فضرب ثم أمر بمسك فمیث فی جفنه عظیمة أو صحفة قال ثم دخل الحسین ذلك الفسطاط فتطلی بالنورة قال و مولای عبدالرحمن بن عبد ربه و بریر بن حضیر الهمدانی علی باب الفسطاط تحتك مناكبهما فازدحما أیهما یطل علی أثره فجعل بریر یهازل عبدالرحمن فقال له عبدالرحمن دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل فقال له بریر و الله لقد علم قومی أنی ما


أحببت الباطل شابا و لا كهلا ولكن و الله انی لمستبشر بما نحن لاقون و الله ان بیننا و بین الحور العین الا أن یمیل هؤلاء علینا بأسیافهم و لوددت أنهم قد مالوا علینا فأسیافهم قال فلما فرغ الحسین دخلنا فاطلینا قال ثم ان الحسین ركب دابته و دعا بمصحف فوضعه أمامه قال فاقتتل أصحابه بین یدیه قتالا شدیدا فلما رأیت القوم قد صرعوا أفلت و تركتهم.

قال أبومخنف عن بعض أصحابه عن أبی خالد الكاهلی قال لما صبحت الخیل الحسین رفع الحسین یدیه فقال اللهم أنت ثقتی فی كل كرب و رجائی فی كل شدة و أنت لی فی كل أمر نزل بی ثقة وعدة كم من هم یضعف فیه الفؤاد و تقل فیه الحیلة و یخذل فیه الصدیق و یشمت فیه العدو أنزلته بك و شكوته الیك رغبة منی الیك عمن سواك ففرجته و كشفته فأنت ولی كل نعمة و صاحب كل حسنة و منتهی كل رغبة.

قال أبومخنف فحدثنی عبدالله بن عاصم قال حدثنی الضحاك المشرقی قال لما أقبلوا نحونا فنظروا الی النار تضطرم فی الحطب و القصب الذی كنا ألهبنا فیه النار من ورائنا لئلا یأتونا من خلفنا اذ أقبل الینا منهم رجل یركض علی فرس كامل الأداة فلم یكلمنا حتی مر علی أبیاتنا فنظر الی أبیاتنا فاذا هو لا یری الا حطبا تلتهب النار فیه فرجع راجعا فنادی بأعلی صوته یا حسین استعجلت النار فی الدنیا قبل یوم القیامة فقال الحسین من هذا كأنه شمر بن ذی الجوشن فقالوا نعم أصلحك الله هوهو فقال یا ابن راعیة المعزی أنت أولی بها صلیا [53] فقال له مسلم بن عوسجة یا ابن رسول الله جعلت فداك ألا أرمیه بسهم فانه قد أمكننی و لیس یسقط سهم فالفاسق من أعظم الجبارین فقال له الحسین لا ترمه فانی أكره أن أبدأهم و كان مع الحسین فرس له یدعی لاحقا حمل علیه ابنه علی بن الحسین قال فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها ثم نادی بأعلی صوته بصوت عال دعاء یسمع جل الناس أیها الناس اسمعوا قولی و لا تعجلونی حتی أعظكم بما لحق لكم علی حتی أعتذر الیكم من مقدمی علیكم فان قبلتم عذری و صدقتم قولی


و أعطیتمونی النصف كنتم بذلك أسعد و لم یكن لكم علی سبیل و ان لم تقبلوا منی العذر و لم تعطوا النصف من أنفسكم فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثم لا یكن أمركم علیكم غمة ثم اقضوا الی و لا تنظرون ان ولیی الله الذی نزل الكتاب و هو یتولی الصالحین قال فلما سمع أخواته كلامه هذا صحن و بكین و بكی بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل الیهن أخاه العباس بن علی و علیا ابنه و قال لهما أسكتاهن فلعمری لیكثرن بكاؤهن قال فلما ذهبا لیسكتاهن قال لا یبعد ابن عباس قال فظننا أنه انما قالها حین سمع بكاؤهن لأنه قد كان نهاه أن یخرج بهن فلما سكتن حمدالله و أثنی علیه و ذكر الله بما هو أهله و صلی علی محمد صلی الله علیه و آله و علی ملائكته و أنبیائه فذكر من ذلك ما الله أعلم و ما لا یحصی ذكره قال فوالله ما سمعت متكلما قط قبله و لا بعده أبلغ فی منطق منه ثم قال أما بعد فانسبونی فانظروا من أنا ثم أرجعوا الی أنفسكم و عاتبوها فانظروا هل یحل لكم قتلی و انتهاك حرمتی ألست ابن بنت نبیكم صلی الله علیه و سلم و ابن وصیه و ابن عمه و أول المؤمنین بالله و المصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه أو لیس حمزة سیدالشهداء عم أبی أو لیس جعفر الشهید الطیار ذوالجناحین عمی أو لم یبلغكم قول مستفیض فیكم أن رسول الله صلی الله تعالی علیه و آله و سلم قال لی و لأخی هذان سیدا شباب أهل الجنة فان صدقتمونی بما أقول و هو الحق و الله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله یمقت علیه أهله و یضر به من اختلقه و ان كذبتمونی فان فیكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم سلوا جابر بن عبدالله الأنصاری أو أباسعید الخدری أو سهل بن سعد الساعدی أو زید بن أرقم أو أنس بن مالك یخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلی الله علیه و سلم لی و لأخی أفما فی هذا حاجز لكم عن سفك دمی فقال له شمر بن ذی الجوشن هو یعبد الله علی حرف ان كان یدری ما تقول فقال له حبیب بن مظاهر و الله انی لأراك تعبد الله علی سبعین حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدری ما یقول قد طبع الله علی قلبك ثم قال لهم الحسین فان كنتم فی شك من هذا القول أفتشكون أثرا ما أنی ابن بنت نبیكم فوالله ما بین المشرق و المغرب ابن بنت نبی غیری منكم و لا من غیركم أنا ابن بنت نبیكم خاصة أخبرونی أتطلبونی بقتیل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص من جراحة قال فأخذوا لا یكلمونه قال فنادی یا شبث بن ربعی و یا حجاز بن أبجر


و یا قیس بن الأشعث و یا یزید بن الحارث ألم تكتبوا الی أن قد أینعت الثمار و اخضر الجناب و طمت الجمام و انما تقدم علی جند لك مجند فأقبل قالوا له لم نفعل فقال سبحان الله بلی و الله لقد فعلتم ثم قال أیها الناس اذ كرهتمونی فدعونی أنصرف عنكم الی مأمنی من الأرض قال فقال له قیس بن الأشعث أولا تنزل علی حكم بنی عمك فانهم لن یروك الا ما تحب و لن یصل الیك منهم مكروه فقال له الحسین أنت أخو أخیك أترید أن یطلبك بنوهاشم بأكثر من دم مسلم بن عقیل لا و الله لا أعطیهم بیدی اعطاء الذلیل و لا أقر اقرار العبید عباد الله انی عذت بربی و ربكم أن ترجمون أعوذ بربی و ربكم من كل متكبر لا یؤمن بیوم الحساب قال ثم انه أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان فعقلها و أقبلوا یزحفون نحوه.

قال أبومخنف فحدثنی علی بن حنظلة بن أسعد الشامی عن رجل من قومه شهد مقتل الحسین حین قتل یقال له كثیر بن عبدالله الشعبی قال لما زحفنا قبل الحسین خرج الینا زهیر بن القین علی فرس له ذنوب شاك فی السلاح فقال یا أهل الكوفة نذار [54] لكم من عذاب الله نذار ان حقا علی المسلم نصیحة أخیه المسلم و نحن حتی الآن اخوة و علی دین واحد و ملة واحدة ما لم یقع بیننا و بینكم السیف و أنتم للنصیحة منا أهل فاذا وقع السیف انقطعت العصمة و كنا أمة و أنتم أمة ان الله قد ابتلانا و ایاكم بذریة نبیه محمد صلی الله علیه و سلم لینظر ما نحن و أنتم عاملون انا ندعوكم الی نصرهم و خذلان الطاغیة عبیدالله بن زیاد فانكم لا تدركون منهما الا بسوء عمر سلطانهما كله لیسملان أعینكم و یقطعان أیدیكم و أرجلكم و یمثلان بكم و یرقعانكم علی جذوع النخل و یقتلان أماثلكم و قراءكم كم أمثال حجر بن عدی و أصحابه و هانی ء بن عروة و أشباهه قال فسبوه و أثنوا علی عبیدالله بن زیاد و دعوا له و قالوا و الله لا نبرح [55] حتی نقتل صاحبك و من معه أو نبعث به و بأصحابه الی الأمیر عبیدالله سلما فقال لهم عباد الله ان ولد فاطمة رضوان الله علیها أحق بالود و النصر من ابن سمیة فان لم تنصروهم


فأعیذكم بالله أن تقتلوهم فخلوا بین هذا الرجل و بین ابن عمه یزید بن معاویة فلعمری ان یزید لیرضی من طاعتكم بدون قتل الحسین قال فرماه شمر بن ذی الجوشن بسهم و قال اسكت أسكت الله نأمتك أبرمتنا بكثرة كلامك فقال له زهیر یا ابن البوال علی عقبیه ما ایاك أخاطب انما أنت بهیمة و الله ما أظنك تحكم من كتاب الله آیتین فأبشر بالخزی یوم القیامة و العذاب الألیم فقال له شمر ان الله قاتلك و صاحبك عن ساعة قال أفبالموت تخوفنی فوالله للموت معه أحب الی من الخلد معكم قال ثم أقبل علی الناس رافعا صوته فقال عباد الله لا یغرنكم من دینكم هذا الجلف [56] الخافی و أشباهه فوالله لا تنال شفاعة محمد صلی الله علیه و سلم قوما [57] هراقوا دماء ذریته و أهل بیته و قتلوا من نصرهم و ذب عن [58] حریمهم قال فناداه برجل فقال له ان أباعبدالله یقول لك أقبل فلعمری لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه و أبلغ فی الدعاء لقد نصحت لهؤلاء و أبلغت لو نفع النصح و الابلاغ.

قال أبومخنف عن أبی جناب الكلبی عن عدی بن حرملة قال ثم ان الحر بن یزید لما زحف عمر بن سعد قال له أصلحك الله مقاتل أنت هذا الرجل قال ای والله قتالا أیسره أن تسقط الرؤس و تطیح الأیدی قال أفمالكم فی واحدة من الخصال التی عرض علیكم رضی قال عمر بن سعد أما و الله لو كان الأمر الی لفعلت ولكن أمیرك قد أبی ذلك فأقبل حتی وقف من الناس موقفا و معه رجل من قومه یقال له قرة بن قیس فقال یا قرة هل سقیت فرسك الیوم قال لا قال انما ترید أن تسقیه قال فظننت و الله أنه یرید أن یتنحی فلا یشهد القتال و كره أن أراه حین یصنع ذلك فیخاف أن أرفعه علیه فقلت له لم أسقه و أنا منطلق فساقیه قال فاعتزلت ذلك المكان الذی كان فیه قال فوالله لو أنه أطلعنی علی الذی یرید لخرجت معه الی الحسین قال فأخذ یدنو من حسین قلیلا قلیلا فقال له رجل من قومه یقال له المهاجر بن أوس ما ترید یا ابن یزید أترید أن


تحمل فسكت و أخذه مثل العرواء فقال له یا ابن یزید و الله ان أمرك لمریب و الله ما رأیت منك فی موقف قط مثل شی ء أراه الآن ولو قیل لی من أشجع أهل الكوفة رجلا ما عدوتك فلما هذا الذی أری منك قال انی والله أخیر نفسی بین الجنة و النار و والله لا أختار علی الجنة شیئا ولو قطعت و حرقت ثم ضرب فرسه فلحق بحسین علیه السلام فقال له جعلنی الله فداك یا ابن رسول الله أنا صاحبك الذی حبستك عن الرجوع و سایرتك فی الطریق و جعجعت بك فی هذا المكان و الله الذی لا اله الا هو ما ظننت أن القوم یردون علیك ما عرضت علیهم أبدا و لا یبلغون منك هذه المنزلة فقلت فی نفسی لا أبالی أن أضیع القوم فی بعض أمرهم و لا یرون أنی خرجت من طاعتهم و أما هم فسیقبلون من حسین هذه الخصال التی یعرض علیهم و و الله لو ظننت أنهم لا یقبلونها منك ما ركبتها منك و انی قد جئتك تائبا مما كان منی الی ربی و مواسیا لك بنفسی حتی أموت بین یدیك أفتری ذلك لی توبة قال نعم یتوب الله علیك و یغفر لك ما اسمك قال أنا الحر بن یزید قال أنت الحر كما سمتك أمك أنت الحر ان شاء الله فی الدنیا و الآخرة انزل قال أنا لك فارسا ساخبر منی راجلا أقاتلهم علی فرسی ساعة و الی النزول ما یصیر آخر أمری قال الحسین فاصنع یرحمك الله ما بدالك فاستقدم أمام أصحابه ثم قال أیها القوم ألا تقبلون من حسین خصلة من هذه الخصال التی عرض علیكم فیعافیكم الله من حربه قتاله قالوا هذا الأمیر عمر بن سعد فكلمه فكلمه بمثل ما كلمه به قبل و بمثل ما كلم به أصحابه قال عمر قد حرصت لو وجدت الی ذلك سبیلا فعلت فقال یا أهل الكوفة لأمكم الهبل و العبر اذ دعوتموه حتی اذا أتاكم أسلمتموه و زعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم غدوتم علیه لتقتلوه أمسكتم بنفسه و أخذتم بكظمه و أحطتم به من كل جانب فمنعتموه التوجه فی بلاد الله العریضة حتی یأمن و یأمن أهل بیته و أصبح فی أیدیكم كالأسیر لا یملك لنفسه نفعا و لا یدفع ضرا و خلأتموه و نساءه و أصیبیته و أصحابه عن ماء الفرات الجاری الذی یشربه الیهودی و المجوسی و النصرانی و تمرغ فیه خنازیر السواد و كلابه و ها هم قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمدا فی ذریته لا أسقاكم یوم الظمأ ان لم تتوبوا و تنزعوا عما أنتم علیه من یومكم


هذا فی ساعتكم هذه فحملت علیه رجاله لهم ترمیه بالنبل فأقبل حتی وقف أمام الحسین.

قال أبومخنف عن الصقعب بن زهیر و سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم قال و زحف عمر بن سعد نحوهم ثم نادی یا زوید أدن رایتك قال فأدناها ثم وضع سهمه فی كبد قوسه ثم رمی فقال اشهدوا أنی أول من رمی.

قال أبومخنف حدثنی أبوجناب قال كان منا رجل یدعی عبدالله بن عمیر من بنی علیم كان قد نزل الكوفة و اتخذ عند بئر الجعد من همدان دارا و كانت معه امرأة له من النمر بن قاسط یقال لها أم وهب بنت عبد فرأی القوم بالنخیلة یعرضون لیسرحوا الی الحسین قال فسأل عنهم فقیل له یسرحون الی حسین بن فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و سلم فقال و الله لو قد كنت علی جهاد أهل الشرك حریصا و انی لأرجو ألا یكون جهاد هؤلاء الذین یغزون ابن بنت نبیهم أیسر ثوابا عند الله من ثوابه ایای فی جهاد المشركین فدخل الی امرأته فأخبرها بما سمع و أعلمها بما یرید فقالت أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك افعل و اخرجنی معك قال فخرج بها لیلا حتی أتی حسینا فأقام معه فلما دنا منه عمر بن سعد ورمی بسهم ارتمی الناس فلما ارتموا أخرج یسار مولی زیاد بن أبی سفیان و سالم مولی عبیدالله بن زیاد فقالا من یبارز لیخرج الینا بعضكم قال فوثب حبیب بن مظاهر و بریر بن حضیر فقال لهما حسین اجلسا فقام عبدالله بن عمیر الكلبی فقال أباعبدالله رحمك الله أئذن لی فلأخرج الیهما فرأی حسین رجلا آدم طویلا شدید الساعدین بعید ما بین المنكبین فقال حسین انی لأحسبه للأقران قتالا اخرج ان شئت قال فخرج الیها فقالا له من أنت فانتسب لهما فقالا لا نعرفك لیخرج الینا زهیر بن القین أو حبیب بن مظاهر أو بریر بن خضیر و یسار مستنتل أمام سالم فقال له الكلبی یا ابن الزانیة و بك رغبة عن مبارزة أحد من الناس و یخرج الیك أحد من الناس الا و هو خیر منك ثم شد علیه فضربه بسیفه حتی برد فانه لمشتغل به یضربه بسیفه اذ شد علیه سالم فصاح به قد رهقك العبد قال فلم یأبه له حتی غشیه فبدره الصربة فاتقاه الكلبی بیده الیسری فأطار أصابع كفه


الیسری ثم مال علیه الكلبی فضربه حتی قتله و أقبل الكلبی مرتجزا و هو یقول و قد قتلهما جمیعا.



ان تنكرونی فأنا ابن كلب

حسبی ببیتی فی علیم حسبی



انی امروء ذو مرة و عصب

و لست بالخوار [59] عند النكب



انی زعیم لك أم وهب

بالطعن فیهم مقدما و الضرب



ضرب غلام مؤمن بالرب

فأخذت أم وهب امرأته عمودا ثم أقبلت نحو زوجها تقول له فداك أبی و أمی قاتل دون الطیبین ذریة محمد فأقبل الیها یردها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ثم قالت انی لن أدعك دون أن أموت معك فناداها حسین فقال جزیتم من أهل بیت خیرا ارجعی رحمك الله الی النساء فاجلسی معهن فانه لیس علی النساء قتال فانصرفت الیهن قال و حمل عمرو بن الحجاج و هو علی میمنة الناس فی المیمنة فلما أن دنا من حسین جثوا له علی الركب و شرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خیلهم علی الرماح فذهبت الخیل لترجع فرشقوهم بالنبل فصرعوا منهم رجالا و جرحوا منهم آخرین.



قال أبومخنف فحدثنی حسین أبوجعفر قال ثم ان رجلا من بنی تمیم یقال له عبدالله بن حوزة جاء حتی وقف امام الحسین فقال یا حسین یا حسین فقال حسین ما تشاء قال أبشر بالنار قال كلا انی أقدم علی رب رحیم و شفیع مطاع من هذا قال له أصحابه هذا ابن حوزة قال رب نحزه الی النار قال فاضطرب به فرسه فی جدول فوقع فیه و تعلقت رجله بالركاب و وقع رأسه فی الأرض و نفر الفرس فأخذه یمر به فیضرب برأسه كل حجر و كل شجرة حتی مات.

قال أبومخنف و أما سوید بن حیة فزعم لی أن عبدالله بن حوزة حین وقع فرسه بقیت رجله الیسری فی الركاب و ارتفعت الیمنی فطارت وعدا به [60] فرسه یضرب رأسه كل حجر و أصل شجرة حتی مات.


قال أبومخنف عن عطاء بن السائب عن عبدالجبار بن وائل الحضرمی عن أخیه مسروق بن وائل قال كنت فی أوائل الخیل ممن سار الی الحسین فقلت أكون فی أوائلها لعلی أصیب رأس الحسین فأصیب به منزلة عند عبیدالله بن زیاد قال فلما انتهینا الی حسین تقدم رجل من القوم یقال له ابن حوزة فقال أفیكم حسین قال فسكت حسین فقالها ثانیة فأسكت حتی اذا كانت الثالثة قال قولوا له نعم هذا حسین فما حاجتك.

قال یا حسین أبشر بالنار قال كذبت بل أقدم علی رب غفور و شفیع مطاع فمن أنت قال ابن حوزة قال فرفع الحسین یدیه حتی رأینا بیاض ابطیه من فوق الثیاب ثم قال اللهم حزه الی النار قال فغضب ابن حوزة فذهب لیقحم الیه الفرس و بینه و بینه نهر قال فعلقت قدمه بالركاب و جالت به الفرس فسقط عنها قال فانقطعت قدمه و ساقه و فخذه و بقی جانبه الآخر متعلقا بالركاب قال فرجع مسروق و ترك الخیل من ورائه قال فسألته فقال لقد رأیت من أهل هذا البیت شیئا لا أقاتلهم أبدا قال و نشب القتال.

قال أبومخنف و حدثنی یوسف بن یزید عن عفیف بن زهیر بن أبی الأخنس و كان قد شهد مقتل الحسین الحسین قال و خرج یزید بن معقل من بنی عمیرة بن ربیعة و هو حلیف لبنی سلیمة من عبدالقیس فقال یا بریر بن حضیر كیف تری الله صنع بك قال صنع الله و الله بی خیرا و صنع الله بك شرا قال كذبت و قبل الیوم ما كنت كذابا هل تذكر و انا أماشیك فی بنی لوذان و أنت تقول ان عثمان بن عفان كان علی نفسه مسرفا و ان معاویة بن أبی سفیان ضال مضل و ان امام الهدی و الحق علی بن أبی طالب فقال له بریر اشهد أن هذا رأیی و قولی فقال له یزید بن معقل فانی أشهد أنك من الضالین فقال له بریر بن حضیر هل لك فلأ بأهلك و لندع الله أن یلعن الكاذب و أن یقتل المبطل ثم اخرج فلأ بارزك قال فخرجا فرفعا أیدیهما الی الله یدعو انه أن یلعن الكاذب و أن یقتل المحق المبطل ثم برز كل واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتین فضرب یزید بن معقل بریر بن حضیر ضربة خفیفة لم تضره شیئا و ضربه بریر بن حضیر ضربة قدت المغفر


و بلغت الدماغ فخر [61] كأنما هوی من حالق و ان سیف ابن حضیر لثابت فی رأسه فكأنی أنظر الیه ینضنضه من رأسه و حمل علیه رضی بن منقذ العبدی فاعتنق بریرا فاعتركا ساعة ثم ان بریرا قعد علی صدره فقال رضی أین أهل المصاع و الدفاع قال فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدی لیحمل علیه فقلت ان هذا بریر بن حضیر القاری ء الذی كان یقرئنا القرآن فی المسجد فحمل علیه [62] بالرمح حتی وضعه فی ظهره فلما وجد مس الرمح برك علیه فعض بوجهه و قطع طرف أنفه فطعنه كعب بن جابر حتی ألقاه عنه و قد غیب السنان فی ظهره ثم أقبل علیه یضربه بسیفه حتی قتله قال عفیف كأنی أنظر الی العبدی الصریع قام ینفض التراب عن قبائه و یقول أنعمت علی یا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبدا قال فقلت أنت رأیت هذا قال نعم رأی عینی و سمع أذنی فلما رجع كعب بن جابر قالت له امرأته أو أخته النوار بنت جابر أعنت علی ابن فاطمة و قتلت سید القراء لقد أتیت عظیما من الأمر و الله لا أكلمك من رأسی كلمة أبدا.

و قال كعب بن جابر:



سلی تخبری عنی و أنت ذمیمة

غداة حسین و الرماح شوارع



ألم آت أقصی ما كرهت و لم یخل

علی غداة الروع ما أنا صانع



معی یزنی لم تخنه كعوبه

و أبیض مخشوب الغرارین [63] قاطع



فجردته فی عصبة لیس دینهم

بدینی و انی بابن حرب [64] لقانع



و لم ترعینی مثلهم فی زمانهم

و لا قبلهم فی الناس اذ أنا [65] یافع



أشد قراعا بالسیوف لدی الوغا [66]

ألا كل من یحمی الذمار [67] مقارع






و قد صبروا للطعن و الضرب حسرا [68]

و قد نازلوا [69] لو أن ذلك نافع



فأبلغ عبیدالله اما لقیته

بأنی مطیع للخلیفة سامع



قتلت بریرا ثم حملت نعمة

أبا منقذ لما دعا من مماصع [70]



قال أبومخنف حدثنی عبدالرحمن بن جندب قال سمعته فی امارة مصعب ابن الزبیر و هو یقول:

یا رب انا قد وفینا تجعلنا یا رب كمن قد غدر فقال له أبی صدق و لقد و فی و كرم و كسبت لنفسك سوءا قال كلا انی لم أكسب لنفسی شرا ولكنی كسبت لها خیرا قال و زعموا أن رضی بن منقذ العبدی رد بعد علی كعب بن جابر جواب قوله فقال:

لو [71] شاء ربی ما شهدت قتالهم

و لا جعل النعماء عندی ابن جابر



لقد كان ذاك الیوم عارا و سبة [72]

یعیره الأبناء بعد المعاشر



فیالیت أنی كنت من قبل قتله

و یوم حسین كنت فی رمس [73] قابر



قال و خرج عمرو بن فرظة الأنصاری یقاتل دون حسین و هو یقول:



قد علمت كتیبة الأنصار

أنی سأحمی حوزة الذمار



ضرب غلام غیر نكس شاری

دون حسین مهجتی و داری



قال أبومخنف عن ثابت بن هبیرة فقتل عمرو بن قرظة بن كعب و كان مع الحسین و كان علی أخوه مع عمر بن سعد فنادی علی بن قریظة یا حسین یا كذاب ابن الكذاب أضللت أخی و غررته حتی قتلته قال ان الله لم یضل أخاك


ولكنه هدی أخاك و أضلك قال قتلنی الله ان لم أقتلك أو أموت دونك فحمل علیه فاعترضه نافع بن هلال المرادی فطعنه فصرعه فحمله أصحابه فاستنقذوه فدووی [74] بعد فبرأ.

قال أبومخنف حدثنی النضر بن صالح أبو زهیر العبسی أن الحر بن یزید لما لحق بحسین قال رجل من بنی تمیم من بنی شقرة و هم بنو الحارث بن تمیم یقال له یزید بن سفیان أما و الله لو أنی رأیت الحر بن یزید حین خرج لأتبعته السنان قال فبینا الناس یتجاولون و یقتتلون و الحر بن یزید یحمل علی القوم مقدما و یتمثل قول عنترة:



مازلت أمریهم بثغرة

و لبانه [75] حتی تسربل [76] بالدم

قال و ان فرسه لمضروب علی أذنیه و حاجبه و ان دماءه لتسیل فقال الحصین بن تمیم و كان علی شرطة عبیدالله فبعثه الی الحسین و كان مع عمر بن سعد فولاه عمر مع الشرطة المجففة لیزید بن سفیان هذا الحر بن یزید الذی كنت تتمنی قال نعم فخرج الیه فقال له هل لك یا حر بن یزید فی المبارزة قال نعم قد شئت فبرز له قال فأنا سمعت الحصین بن تمیم یقول والله لبرز له فكأنما كانت نفسه فی یده فما لبثه الحر حین خرج الیه أن قتله.

قال هشام بن محمد عن أبی مخنف قال حدثنی یحیی بن هانی ء بن عروة أن نافع بن هلال كان یقاتل یومئذ و هو یقول:

أنا الجملی [77] أنا علی دین علی. قال فخرج الیه رجل یقال له مزاحم بن حریث فقال أنا علی دین عثمان فقال له أنت علی دین شیطان ثم حمل علیه فقتله فصاح عمرو بن الحجاج بالناس یا حمقی أتدرون من تقاتلون فرسان المصر قوما مستمیتین لا یبرزن لهم منكم أحد فانهم قلیل و قل مایبقون و الله لو لم ترموهم


الا بالحجارة لتقتلتموهم فقال عمر بن سعد صدقت الرأی ما رأیت و أرسل الی الناس یعزم علیهم ألا یبارز رجل منكم رجلا منهم.

قال أبومخنف حدثنی الحسین بن عقبة المرادی قال الزبیدی انه سمع عمرو بن الحجاج حین دنا من أصحاب الحسین یقول یا أهل الكوفة الزموا طاعتكم و جماعتكم و لا ترتابوا فی قتل من مرق [78] من الدین و خالف الامام فقال له الحسین یا عمرو بن الحجاج أعلی تحرض الناس أنحن مرقنا و أنتم ثبتم علیه أما و الله لتعلمن لو قد قبضت أرواحكم و متم علی أعمالكم أینا مرق من الدین و من هو أولی بصلی النار قال ثم ان عمرو بن الحجاج حمل علی الحسین فی میمنة عمر بن سعد من نحو الفرات فاضربوا ساعة فصرع مسلم بن عوسجة الأسدی أول أصحاب الحسین ثم انصرف عمرو بن الحجاج و أصحابه و ارتفعت الغبرة [79] فاذا هم به صریع فمشی الیه الحسین فاذا به رمق [80] فقال رحمك ربك یا مسلم بن عوسجة منهم من قضی نحبه و منهم من ینتظر و ما بدلوا تبدیلا.

و دنا منه حبیب ابن مظاهر فقال عز علی مصرعك یا مسلم أبشر بالجنة فقال له مسلم قولا ضعیفا بشرك الله بخیر فقال له حبیب لولا أنی أعلم أنی فی أثرك لاحق بك من ساعتی هذه لأحببت أن توصینی بكل ما أهمك حتی أحفظك فی كل ذلك بما أنت أهل له فی القرابة و الدین.

قال بل أنا أوصیك بهذا رحمك الله و أهوی بیده الی الحسین أن تموت دونه قال أفعل و رب الكعبة قال فما كان بأسرع من أن مات فی أیدیهم و صاحت جاریة له فقالت یا ابن عوسجتاه یا سیداه فتنادی أصحاب عمرو بن الحجاج قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدی فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه ثكلتكم أمهاتكم انما تقتلون أنفسكم بأیدیكم و تذللون أنفسكم لغیركم تفرحون


أن یقتل مثل مسلم بن عوسجة أما و الذی أسلمت له لرب موقف له قد رأیته فی المسلمین كریم لقد رأیته یوم سلق آذربیجان قتل ستة من المشركین قبل تتام خیول المسلمین أفیقتل منكم مثله و تفرحون قال و كان الذی قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبدالله الضبابی و عبدالرحمن ابن أبی خشكارة البجلی قال و حمل شمر بن ذی الجوشن فی المیسرة علی أهل المیسرة فثبتوا له فطاعنوه و أصحابه و حمل علی حسین و أصحابه من كل جانب فقتل الكلبی و قد قتل رجلین بعد الرجلین الأولین و قاتل قتالا شدیدا فحمل علیه هانی ء بن ثبیت الحضرمی و بكیر بن حی التیمی من تیم الله بن ثعلبة فقتلاه و كان القتیل الثانی من أصحاب الحسین و قاتلهم أصحاب الحسین قتالا شدیدا و أخذت خیلهم تحمل و انما هم اثنان و ثلاثون فارسا و أخذت لا تحمل علی جانب من خیل أهل الكوفة الا كشفته فلما رأی ذلك عزرة بن قیس و هو علی خیل أهل الكوفة أن خیله تنكشف من كل جانب بعث الی عمر بن سعد عبدالرحمن بن حصن فقال أما تری ما تلقی خیلی مذ الیوم [81] من هذه العدة الیسیرة ابعث الیهم الرجال و الرماة فقال لشبث بن ربعی ألا تقدم الیهم فقال سبحان الله أتعمد الی شیخ مصر و أهل مصر عامة تبعثه فی الرماة لم تجد من تندب لهذا و یجزی عنك غیری قال و ما زالوا یرون من شبث الكراهة لقتاله قال و قال أبوزهیر العبسی فأنا سمعته فی امارة مصعب یقول لا یعطی الله أهل هذا المصر خیرا أبدا و لا یسددهم لرشد ألا تعجبون أنا قاتلنا مع علی بن أبی طالب و مع ابنه من بعده آل أبی سفیان خمس سنین ثم عدونا علی ابنه و هو خیر أهل الأرض نقاتله مع آل معاویة و ابن سمیة الزانیة ضلال یا لك من ضلال قال و دعا عمر بن الحصین بن تمیم فبعث معه المجففة و خمسمائة من المرامیة فأقبلوا حتی اذا دنوا من الحسین و أصحابه رشقوهم بالنبل فلم یلبثوا أن عقروا خیولهم و صاروا رجالة كلهم.

قال أبومخنف حدثنی نمیر بن وعلة أن أیوب بن مشرح الخیوانی كان یقول أنا و الله عقرت بالحر بن یزید فرسه حشأته [82] سهما فما لبث أن أرعد الفرس


و اضطرب و كبا [83] فوثب عنه الحر كأنه لیث و السیف فی یده و هو یقول:



ان تعقروا بی فأنا ابن الحر

أشجع من ذی لبد [84] هزبر



قال فما رأیت أحدا قط یفری [85] فریه قال فقال له أشیاخ من الحی أنت قتلته قال لا و الله ما أنا قتلته ولكن قتله غیری و ما أحب انی قتلته فقال له أبوالوداك و لم قال أنه كان زعموا من الصالحین فوالله لئن كان ذلك اثما لأن ألقی الله باثم الجراحة الموقف أحب الی من أن ألقاه باثم قتل أحد منهم.

فقال له أبوالوداك ما اراك الا ستلقی الله باثم قتلهم أجمعین أرأیت لو أنك رمیت ذا فعقرت ذا و رمیت آخر و و وقفت موقفا و كررت علیهم و حرضت أصحابك و كثرت أصحابك و حمل علیك فكرهت أن تفر و فعل آخر من اصحابك كفعلك و آخر و آخر كان هذا و أصحابه یقتلون أنتم شركاء كلكم فی دمائهم فقال له یا أباالوداك انك لتقنطنا من رحمة الله ان كنت ولی حسابنا یوم القیامة فلا غفر الله لك ان غفرت لنا قال هو ما أقول لك قال و قاتلوهم حتی انتصف النهار اشد قتال خلقه الله و أخذوا لا یقدرون علی أن یأتوهم الا من وجه واحد لاجتماع أبنیتهم و تقارب بعضها من بعض قال فلما رأی ذلك عمر بن سعد أرسل رجالا یقوضونها [86] عن أیمانهم و عن شمائلهم لیحیطوا بهم قال فأخذ الثلاثة و الأربعة من اصحاب الحسین یتخللون البیوت فیشدون علی الرجل و هو یقوض و ینتهب فیقتلونه و یرمونه من قریب و یعقرونه فأمر بها عمر بن سعد عند ذلك فقال احرقوها بالنار و لا تدخلوا بیتا و لا تقوضوه فجاءوا بالنار فأخذوا یحرقون فقال حسین دعوهم فلیحرقوها فانهم لو قد حرقوها لم یستطیعوا أن یجوزوا الیكم منها و كان ذلك كذلك و أخذوا لا یقاتلونهم الا من وجه واحد قال و خرجت امرأة الكلبی تمشی الی زوجها حتی جلست عند رأسه تمسح عنه


التراب و تقول هنیئا لك الجنة فقال شمر بن ذی الجوشن لغلام یسمی رستم اضرب رأسها بالعمود فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها قال و حمل شمر بن ذی الجوشن حتی طعن فسطاط الحسین برمحه و نادی علی بالنار حتی أحرق هذا البیت علی أهله قال فصاح النساء و خرجن من الفسطاط قال و صاح به الحسین یا ابن ذی الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بیتی علی أهلی حرقك الله بالنار.

(قال أبومخنف) حدثنی سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم قال قلت لشمر بن ذی الجوشن سبحان الله ان هذا لا یصلح لك أترید أن تجمع علی نفسك خصلتین تعذب بعذاب الله و تقتل الولدان و النساء والله ان قتلك الرجال لما ترضی به أمیرك قال فقال من أنت قال قلت لا أخبرك من أنا قال و خشیت و الله أن لو عرفنی أن یضرنی عند السلطان قال فجاءه رجل كان أطوع له منی شبث بن ربعی فقال ما رأیت مقالا أسوأ من قولك و لا موقفا أقبح من موقفك أمر عبا للنساء صرت قال فأشهد أنه استحیا فذهب لینصرف و حمل علیه زهیر بن القین فی رجال من أصحابه عشرة فشد علی شمر بن ذی الجوشن و أصحابه فكشفهم عن البیوت حتی ارتفعوا عنها فصرعوا أبا عزة الضبابی فقتلوه فكان من أصحاب شمر و تعطف الناس علیهم فكثروهم فلا یزال الرجل من أصحاب الحسین قد قتل فاذا قتل منهم الرجل و الرجلان تبین فیهم و أولئك كثیر لا یتبین فیهم ما یقتل منهم.

قال فلما رأی ذلك أبوثمامة عمرو بن عبدالله الصائدی قال للحسین یا أباعبدالله نفسی لك الفداء انی أری هؤلاء قد اقتربوا منك و لا و الله لا تقتل حتی أقتل دونك ان شاء الله و أحب أن ألقی ربی و قد صلیت هذه الصلاة التی قد دنا وقتها قال فرفع الحسین رأسه ثم قال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلین الذاكرین نعم هذا أول وقتها ثم قال سلوهم أن یكفوا عنا حتی نصلی فقال لهم الحصین بن تمیم انها لا تقبل فقال له حبیب بن مظاهر لا تقبل زعمت الصلاة من آل رسول الله صلی الله علیه و سلم لا تقبل و تقبل منك یا حمار قال فحمل علیهم حصین بن تمیم و خرج الیه حبیب بن مظاهر فضرب وجه فرسه بالسیف فشب و وقع عنه و حمله أصحابه فاستنقذوه و أخذ حبیب یقول:




أقسم لو كنا لكم أعدادا

أو شطركم [87] و لیتم أكتادا [88] .



یا شر قوم حسبا و آدا [89]

قال و جعل یقول یومئذ:



أنا حبیب و أبی مظاهر

فارس هیجاء و حرب تسعر



أنتم أعد عدة و أكثر

و نحن أوفی منكم و أصبر



و نحن أعلی حجة و أظهر

حقا و أتقی منكم و أعذر [90]



و قاتل قتالا شدیدا فحمل علیه رجل من بنی تمیم فضربه بالسیف علی رأسه فقتله و كان یقال له بدیل بن صریم من بنی عقفان و حمل علیه آخر من بنی تمیم فطعنه فوقع فذهب لیقوم فضربه الحسین بن تمیم علی رأسه بالسیف فوقع و نزل الیه التمیمی فاحتز رأسه فقال له الحصین انی لشریكك فی قتله فقال الآخر و الله ما قتله غیری فقال الحصین أعطنیه اعلقه فی عنق فرسی كیما یری الناس و یعلموا أنی شركت فی قتله ثم خذه أنت بعد فامض به الی عبیدالله بن زیاد فلا حاجة لی فیما تعطاه علی قتلك ایاه قال فأبی علیه فأصلح قومه فیما بینهما علی هذا فدفع الیه رأس حبیب بن مظاهر فجال به فی العسكر قد علقه فی عنق فرسه ثم دفعه بعد ذلك الیه فلما رجعوا الی الكوفة أخذ الآخر رأس حبیب فعلقه فی لبان فرسه [91] ثم أقبل به الی ابن زیاد فی القصر فبصر به ابنه القاسم بن حبیب و هو یومئذ قد راهق [92] فأقبل مع الفارس لا یفارقه كلما دخل القصر دخل معه و اذا خرج خرج معه فارتاب به فقال مالك یا بنی تتبعنی قال لا شی ء قال بلی یا بنی أخبرنی قال له ان هذا الرأس الذی معك رأس أبی أفتعطینیه حتی أدفنه قال


با بنی لا یرضی الأمیر أن یدفن و أنا أرید أن یثیبنی الأمیر علی قتله قوابا حسنا قال له الغلام لكن الله لا یثیبك علی ذلك الا أسوأ الثواب أما و الله لقد قتلته خیرا منك و بكا فمكث الغلام حتی اذا أدرك لم یكن له همة الا اتباع أثر قاتل أبیه لیجد منه غرة [93] فیقتله بأبیه فلما كان زمان مصعب بن الزبیر و غزا مصعب بأجمیر ادخل عسكر مصعب فاذا قاتل أبیه فی فسطاطه فأقبل یختلف فی طلبه و التماس غرته فدخل علیه و هو قائل [94] نصف النهار فضربه بسیفه حتی برد.

(قال أبومخنف) حدثنی محمد بن قیس قال لما قتل حبیب بن مظاهر هد ذلك حسینا و قال عند ذلك أحتسب نفسی و عماة أصحابی قال فأخذ الحر یرتجز و یقول:



آلیت لا أقتل حتی أقتلا

و لن أصاب الیوم الا مقبلا



أضربهم بالسیف ضربا مقصلا

لا ناكلا [95] عنهم و لا مهللا



و أخذ یقول أیضا:



أضرب فی أعراضهم [96] بالسیف

عن خیر من حل منی و الخیف



فقاتل هو و زهیر بن القین قتالا شدیدا فكان اذا شد أحدهما فان استحلم [97] شد الآخر حتی یخلصه ففعلا ذلك ساعة ثم ان رجالة شدت علی الحر بن یزید فقتل و قتل ابوثمامة الصائدی ابن عم له كان عدوا له ثم صلوا الظهر صلی بهم الحسین صلاة الخوف ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد قتالهم و وصل الی الحسین فاستقدم الحنفی امامه فاستهدف لهم یرمونه بالنبل یمینا و شمالا قائما بین یدیه فمازال سرمی حتی سقط و قاتل زهیر بن القین قتالا شدیدا و أخذ یقول:




أنا زهیر و أنا ابن القین [98]

أذودهم بالسیف عن حسین



قال و أخذ یضرب علی منكب حسین و یقول:



أقدم هدیت هادیا مهدیا

فالیوم تلقی جدك النبیا



و حسنا و المرتضی علیا

و ذا الجناحین الفتی الكمیا



و أسد الله الشهید الحیا

قال فشد علیه كثیر بن عبدالله الشعبی و مهاجر بن أوس فقتلاه قال و كان نافع بن هلال الجملی قد كتب اسمه علی أفواق نبله فجعل یرمی بها مسمومة و هو یقول:



أنا الجملی أنا علی دین علی

فقتل اثنی عشر من أصحاب عمر بن سعد سوی من جرح قال فضرب حتی كسرت عضداه و أخذ أسرا.

قال فأخذه شمر بن ذی الجوشن و معه أصحاب له یسوقون نافعا حتی أتی به عمر بن سعد فقال له عمر بن سعد ویحك یا نافع ما حملك علی ما صنعت [99] بنفسك قال ان ربی یعلم ما أردت قال و الدماء تسیل علی لحیته و هو یقول و الله لقد قتلت منكم اثنی عشر سوی من جرحت و ما ألوم نفسی علی الجهد و لو بقیت لی عضد و ساعد ما أسرتمونی فقال له شمر اقتله أصلحك الله قال أنت جئت به فان شئت فاقتله قال فانتضی [100] شمر سیفه فقال له نافع أما و الله ان لو كنت من المسلمین لعظم علیك أن تلقی الله بدمائنا فالحمد الله الذی جعل منایانا علی یدی شرار خلقه فقتله قال ثم أقبل شمر یحمل علیهم و هو یقول:



خلوا عداة الله خلوا عن شمر

یضربهم بسیفه و لا یفر



و هو لكم صاب و سم و مقر




قال فلما رأی أصحاب الحسین أنهم قد كثروا و أنهم لا یقدرون علی أن یمنعوا حسینا و لا أنفسهم تنافسوا فی أن یقتلوا بین یدیه فجاءه عبدالله و عبدالرحمن ابنا عزرة الغفاریان فقالا یا أباعبدالله علیك السلام حازنا العدو الیك فأحببنا أن نقتل بین یدیك نمنعك و ندفع عنك قال مرحبا بكما ادنوا منی فدنوا منه فجعلا یقاتلان قریبا منه و أحدهما یقول:



قد علمت حقا بنوغفار

و خندق بعد بنی نزار



لنضربن معشر الفجار

بكل عضب [101] صارم بتار [102]



یا قوم ذودوا عن بنی الأحرار

بالمشرفی و القنا الخطار



قال و جاء الفتیان الجابریان سیف بن الحارث بن سریع و هما ابنا عم و أخوان لأم فأتیا حسینا فدنوا و هما یبكیان فقال أی بنی أخی ما یبكیكما فوالله انی لأرجو أن تكونا عن ساعة قریری عین قالا جعلنا الله فداك لا و الله ما علی أنفسنا نبكی ولكنا نبكی علیك نراك قد أحیط [103] بك و لا نقدر علی أن نمنعك.

فقال جزاكما الله یا ابنی أخی بوجدكما من ذلك و مواساتكما ایای بأنفسكما أحسن جزاء المتقین قال و جاء حنظلة بن أسعد الشبامی فقام بین یدی حسین فأخذ ینادی یا قوم انی أخاف علیكم مثل یوم الاحزاب مثل دأب قوم نوح و عاد و ثمود و الذین من بعدهم و ما الله یرید ظلما للعباد و یا قوم انی أخاف علیكم یوم التناد [104] یوم تولون مدبرین ما لكم من الله من عاصم و من یضلل الله فما له من هاد، یا قوم لا تقتلوا حسینا یسحتكم الله بعذاب و قد خاب من افتری فقال له حسین یا ابن أسعد رحمك الله انهم قد استوجبوا العذاب حین ردوا علیك ما دعوتهم الیه من الحق و نهضوا الیك لیستبیحوك و أصحابك فكیف الآن و قد قتلوا اخوانك الصالحین.


قال صدقت جعلت فداك أنت أفقه منی و أحق بذلك أفلا نروح الی الآخرة و نلحق باخواننا فقال رح الی خیر من الدنیا و ما فیها و الی ملك لا یبلی.

فقال السلام علیك أباعبدالله صلی الله علیك و علی أهل بیتك و عرف بیننا و بینك فی جنته فقال آمین آمین فاستقدم فقاتل حتی قتل قال ثم استقدم الفتیان الجابریان یلتفتان الی حسین و یقولان علیك یا ابن رسول الله فقال و علیكما السلام و رحمة الله فقاتلا حتی قتلا قال و جاء عابس بن أبی شبیب الشاكری و معه شوذب مولی شاكر فقال یا شوذب ما فی نفسك أن تصنع قال ما أصنع أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلی الله علیه و سلم حتی أقتل قال ذلك الظن بك امالا فتقدم بین یدی أبی عبدالله حتی یحتسبك كما احتسب غیرك من اصحابه و حتی احتسبك أنا فانه لو كان معی الساعة أحد أنا أولی به منی بك لسرنی أن یتقدم بین یدی حتی أحتسبه فان هذا یوم ینبغی لنا أن نطلب الأجر فیه بكل ما قدرنا علیه فانه لا عمل بعد الیوم و انما هو الحساب قال فتقدم فسلم علی الحسین ثم مضی فقالت حتی قتل قال ثم قال عابس بن أبی شیبة یا أباعبدالله أما و الله ما أمسی علی ظهر الأرض قریب و لا بعید أعز علی و لا أحب الی منك و لو قدرت علی أن أدفع عنك الضیم [105] و القتل بشی ء أعز علی من نفسی و دمی لفعلته السلام علیك یا أباعبدالله أشهد الله أنی علی هدیك و هدی أبیك ثم مشی بالسیف مصلتا [106] نحوهم و به ضربة علی جبینه.

(قال أبومخنف) حدثنی نمیر بن وعلة عن رجل من بنی عبد من همدان یقال له ربیع بن تمیم شهد ذلك الیوم قال لما رأیته مقبلا عرفته و قد شاهدته فی المغازی و كان أشجع الناس فقلت أیها الناس هذا الأسد الأسود هذا ابن شبیب لا یخرجن الیه أحد منكم فأخذ ینادی ألا رجل لرجل فقال عمر بن سعد ارضخوه [107] بالحجارة قال فرمی بالحجارة من كل جانب فلما رأی ذلك ألقی


درعه و مغفره ثم شد علی الناس فوالله لرأیته یكرد [108] أكثر من مائتین من الناس ثم انهم تعطفوا علیه [109] من كل جانب فقتل قال فرأیت رأسه فی أیدی رجال ذوی عدة هذا یقول أنا قتلته و هذا یقول أنا قتلته أتوا عمر بن سعد فقال لا تختصموا هذا لم یقتله [110] سنان واحد ففرق بینهم بهذا القول.

قال أبومخنف حدثنی عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقی قال لما رأیت أصحاب الحسین قد أصیبوا و قد خلص [111] الیه و الی أهل بیته و لم یبق معه غیر سوید بن عمرو بن أبی المطاع الخثعمی و بشیر بن عمرو الحضرمی قلت له یا ابن رسول الله قد علمت ما كان بینی و بینك قلت لك أقاتل عنك ما رأیت مقاتلا فاذا لم أر مقاتلا فأنا فی حل من الانصراف فقلت لی نعم قال فقال صدقت و كیف لك بالنجاء [112] ان قدرت علی ذلك فأنت فی حل قال فأقبلت الی فرسی و قد كنت حیث رأیت خیل أصحابنا تعقر أقبلت بها حتی أدخلتها فسطاطا لأصحابنا بین البیوت و أقبلت أقاتل معهم راجلا فقتلت یومئذ بین یدی الحسین رجلین و قطعت ید آخر و قال لی الحسین یومئذ مرارا لا تشلل لا یقطع الله یدك جزاك الله خیرا عن أهل بیت نبیك صلی الله علیه و سلم فلما أذن لی استخرجت الفرس من الفسطاط ثم استویت علی متنها [113] ثم ضربتها حتی اذا قامت علی السنابك رمیت بها عرض القوم فأفرجوا لی و أتبعنی منهم خمسة عشر رجلا حتی انتهیت الی شفیة قریة قریبة من شاطی ء الفرات فلما لحقونی عطفت علیهم فعرفنی كثیر بن عبدالله الشعبی و أیوب بن مشرح الخیوانی و قیس بن عبدالله الصائدی فقالوا هذا الضحاك بن عبدالله المشرقی هذا ابن عمنا ننشدكم الله لما كففتم عنه فقال ثلاثة نفر من بنی تمیم كانوا معهم بلی و الله لنجیبن اخواننا و أهل


دعوتنا الی ما أحبوا من الكف عن صاحبهم قال فلما تابع التمیمیون أصحابی كف الآخرون قال فنجانی الله.

قال أبومخنف حدثنی فضیل بن خدیج الكندی أن یزید بن زیاد و هو أبو الشعثاء الكندی من بنی بهدلة جثی علی ركبتیه بین یدی الحسین فرمی بمائة سهم ما سقط منها خمسة أسهم و كان رامیا فكان كلما رمی قال أنا ابن بهدله فرسان العرجلة و یقول حسین اللهم سدد رمیته و اجعل ثوابه الجنة فلما رمی بها قام فقال ما سقط منها الا خمسة أسهم و لقد تبین لی أنی قد قتلت خمسة نفر و كان فی أول من قتل و كان رجزه یومئذ.



أنا یزید و أبی مهاصر

أشجع من لیث بغیل خادر [114]



یا رب انی للحسین ناصر

و لابن سعد تارك و هاجر



و كان یزید بن زیاد المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد الی الحسین فلما ردوا الشروط علی الحسین مال الیه فقاتل معه حتی قتل فأما الصیداوی عمرو بن خالد و جابر بن الحارث السلمانی و سعد مولی عمر بن خالد و مجمع بن عبدالله العائذی فانهم قاتلوا فی أول القتال فشدوا مقدمین بأسیافهم علی الناس فلما و غلوا [115] عطف علیهم [116] الناس فأخذوا یحوزونهم و قطعوهم من أصحابهم غیر بعید فحمل علیهم العباس بن علی فاستنقذهم فجاؤا قد جرحوا فلما دنا منهم عدوهم شدوا فأسیافهم فقاتلوا فی أول الأمر حتی قتلوا فی مكان واحد.

قال أبومخنف حدثنی زهیر بن عبدالرحمن ابن زهیر الخثعمی قال كان آخر من بقی مع الحسین من أصحابه سوید بن عمرو بن أبی المطاع الخنثعمی قال و كان أول قتیل من بنی أبی طالب یومئذ علی الأكبر ابن الحسین بن علی و أمه لیلی ابنة أبی مرة بن عروة بن مسعود الثقفی و ذلك أنه أخذ یشد علی الناس و هو یقول:




أنا علی بن حسین بن علی

نحن و رب البیت أولی بالنبی



تا لله لا یحكم فینا ابن الدعی

قال ففعل ذلك مرارا فبصر به مرة بن منقذ بن النعمان العبدی ثم اللیثی فقال علی أثام العرب ان مر بی یفعل مثل ما كان یفعل ان لم أثكله أباه فمر یشد علی الناس بسیفه فاعتضره مرة بن منقذ فطعنه فصرع و احتو له الناس فقطعوه بأسیافهم.



قال أبومخنف حدثنی سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم الأزدی قال سماع أذنی یومئذ من الحسین یقول قتل الله قوما قتلوك یا بنی ما أجرأهم علی الرحمن و علی انتهاك حرمة الرسول، علی الدنیا بعدك العفاء [117] .

قال و كأنی أنظر الی امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادی یا أخیاه و یا ابن أخاه قال فسألت علیها فقیل هذه زینب ابنة فاطمة ابنة رسول الله صلی الله علیه و سلم فجاءت حتی أكبت [118] علیه فجاءها الحسین فأخذ بیدها فردها الی الفسطاط و أقبل الحسین الی ابنه و أقبل فتیانه الیه فقال احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه حتی وضعوه بین یدی الفسطاط الذی كانوا یقاتلون أمامه قال ثم ان عمرو بن صبیح الصدائی رمی عبدالله بن مسلم بن عقیل بسهم فوضع كفه علی جبهته فأخذ لا یستطیع أن یحرك كفیه ثم انتحی له بسهم آخر ففلق قلبه فاعتورهم [119] الناس من كل جانب فحمل عبدالله بن قطبة الطائی ثم النبهانی علی عون عبدالله بن جعفر بن أبی طالب فقتله و حمل عامر بن نهشل التیمی علی محمد بن عبدالله بن جعفر بن أبی طالب فقتله قال و شد عثمان بن خالد بن أسیر الجهنی و بشر بن سوط الهمدانی ثم القابضی علی عبدالرحمن بن عقیل بن أبی طالب فقتلاه و رمی عبدالله بن عزرة الخثعمی جعفر بن عقیل بن أبی طالب فقتله.


قال أبومخنف حدثنی سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم قال خرج الینا غلام كأن وجهه شقة قمر فی یده السیف علیه قمیص و ازار و نعلان قد انقطع شسع [120] أحدهما ما أنسی أنها الیسری فقال لی عمرو بن سعد بن نفیل الأزدی و الله لأشدن علیه فقلت له سبحان الله و ما ترید الی ذلك یكفیك قتل هؤلاء الذین تراهم قد احتولوهم قال فقال و الله لأشدن علیه فشد علیه فما ولی حتی ضرب رأسه بالسیف فوقع الغلام لوجهه فقال یا عماه قال فجلی [121] الحسین كما یجلی الصقر ثم شد شدة لیث أغضب فضرب عمرا بالسیف فاتقاه بالساعد فأطنها [122] من لدن المرفق فصاح ثم تنحی عنه و حملت خیل لأهل الكوفة لیستنقذوا عمرا من حسین فاستقبلت عمرا بصدورها فحركت حوافرها و جالت [123] الخیل بفرسانها علیه فتوطأته [124] حتی مات و انجلت [125] الغبرة فاذا أنا بالحسین قائم علی رأس الغلام و الغلام یفحص [126] برجلیه و حسین یقول بعدا لقوم قتلوك و من خصمهم یوم القیامة فیك جدك ثم عز و الله علی عمك أن تدعوه فلا یجیبك أو یجیبك ثم لا ینفعك صوت و الله كثر واتره [127] و قل ناصره ثم احتمله فكأنی أنظر الی رجلی یخطان فی الأرض و قد وضع حسین صدره علی صدره قال فقلت فی نفسی ما یصنع به فجاء به حتی ألقاه مع ابنه علی بن الحسین و قتلی قد قتلت حوله من أهل بیته فسألت عن الغلام فقیل هو القاسم ابن الحسن بن علی بن أبی طالب قال و مكث الحسین طویلا من النهار كلما انتهی الیه رجل من الناس انصرف عنه و كره أن یتولی قتله و عظیم اثمه علیه قال و ان رجلا من كندة یقال له مالك ابن النسیر من بنی بداء أتاه فضربه علی رأسه


بالسیف و علیه برنس له فقطع البرنس و أصاب السیف رأسه فأدمی رأسه فامتلأ البرنس دما فقال له الحسین لا أكلت بها و لا شربت و حشرك الله مع الظالمین قال فألقی ذلك البرنس ثم دعا بقلنسوة فلبسها و اعتم [128] و قد أعیا و بلد و جاء الكندی حتی أخذ البرنس و كان من خز فلما قدم به بعد ذلك علی امرأته أم عبدالله ابنة الحر أخت حسین بن الحر البدی أقبل یغسل البرنس من الدم فقالت له امرأته أسلب ابن بنت رسول الله صلی الله علیه و سلم تدخل بیتی أخرجه عنی فذكر أصحابه أنه لم یزل فقیرا بشر حتی مات قال و لما قعد الحسین أتی بصبی له فأجلسه فی حجره زعموا أنه عبدالله بن الحسین.

قال أبومخنف قال عقبة بن بشیر الأسدی قال لی أبوجعفر محمد بن علی بن الحسین ان لنا فیكم یا بنی أسد دما قال قلت فما ذنبی أنا فی ذلك رحمك الله یا أباجعفر و ما ذلك قال أتی الحسین بصبی له فهو فی حجره اذ رماه أحدكم یا بنی أسد بسهم فذبحه فتلقی الحسین دمه فلما ملأ كفیه صبه فی الأرض ثم قال رب ان تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خیر و انتقم لنا من هؤلاء الظالمین قال و رمی عبدالله بن عقبة الغنوی أبابكر بن الحسین بن علی بسهم فقتله فلذلك یقول الشاعر و هو ابن أبی عقب:



و عند غنی قطرة من دمائنا

و فی أسد أخری تعد و تذكر



قال و زعموا أن العباس بن علی قال لاخوته من أمه عبدالله و جعفر و عثمان یا بنی أمی تقدموا حتی أرثكم فانه لا ولد لكم ففعلوا فقتلوا و شد هانی ء بن ثبیت الحضرمی علی عبدالله بن علی بن أبی طالب فقتله ثم شد علی جعفر بن علی فقتله و جاء برأسه و رمی خولی بن یزید الأصبحی عثمان بن علی بن أبی طالب بسهم ثم شد علیه رجل من بنی أبان بن دارم فقتله و جاء برأسه و رمی رجل من بنی أبان بن دارم محمد بن علی بن أبی طالب فقتله و جاء برأسه. قال هشام حدثنی أبو الهذیل رجل من السكون عن هانی ء بن ثبیت الحضرمی قال رأیته جالسا فی مجلس الحضرمیین فی زمان خالد بن عبدالله و هو


شیخ كبیر قال فسمعته و هو یقول كنت ممن شهد قتل الحسین قال فوالله انی لواقف عاشر عشرة لیس منا رجل الا علی فرس و قد جالت الخیل و تصعصعت اذ خرج غلام من آل الحسین و هو ممسك بعود من تلك الأبنیة علیه ازار و قمیص و هو مذعور [129] یتلفت یمینا و شمالا فكأنی أنظر الی درتین فی أذنیه تذبذبان [130] كلما التفت اذ أقبل رجل یركض حتی اذا دنا منه مال عن فرسه ثم اقتصد الغلام فقطعه بالسیف قال هشام قال السكونی هانی ء بن ثبیت هو صاحب الغلام فلما عتب علیه كنی عن نفسه قال هشام حدثنی عمرو بن شمر عن جابر الجعفی قال عطش الحسین حتی اشتد علیه العطش فدنا لیشرب من الماء فرماه حصین بن تمیم بسهم فوقع فی فمه فجعل یتلقی الدم من فمه و یرمی به الی السماء ثم حمدالله و أثنی علیه ثم جمع یدیه فقال اللهم أحصهم عددا و أقتلهم بددا و لا تذر علی الأرض منهم أحدا. قال هشام عن أبیه محمد بن السائب عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال حدثنی من شهد الحسین فی عسكره أن حسینا حین غلب علی عسكره ركب المسناة یرید الفرات قال فقال رجل من بنی أبان بن دارم ویلكم حولوا بینه [131] و بین الماء لا تتام الیه شیعته قال و ضرب فرسه و أتبعه الناس حتی حالوا بینه و بین الفرات فقال الحسین اللهم أظمه [132] قال و ینتزع الأبانی بسهم فأثبته فی حنك الحسین قال فانتزع الحسین السهم ثم بسط كفیه فامتلأتا دما ثم قال الحسین اللهم انی أشكو الیك ما یفعل بابن بنت نبیك قال فوالله ان مكث الرجل الا یسیرا حتی صب الله علیه الظمأ فجعل لا یروی قال القاسم بن الأصبغ لقد رأیتنی فیمن یروح عنه و الماء یبرد له فیه السكر و عساس فیها اللبن و قلال فیها الماء و انه لیقول ویلكم اسقونی قتلنی الظمأ فیعطی القلة أو العس كان مرویا أهل البیت فیشربه فاذا نزعه من فیه اضطجع الهنیهة ثم یقول ویلكم اسقونی قتلنی الظمأ قال فوالله ما لبث الا یسیرا حتی انقد بطنه انقداد بطن البعیر.


قال أبومخنف فی حدیثه ثم ان شمر بن ذی الجوشن أقبل فی نفر نحو من عشرة من رجالة [133] أهل الكوفة قبل [134] قبل منزل الحسین الذی فیه ثقله و عیاله فمشی نحوه فحالوا بینه و بین رحله فقال الحسین ویلكم ان لم یكن لكم دین و كنتم لا تخافون یوم [135] المعاد فكونوا فی أمر دنیاكم أحرارا ذوی أحساب امنعوا رحلی و أهلی من طغامكم [136] و جهالكم.

فقال ابن ذی الجوشن ذلك لك یا ابن فاطمة قال و أقدم علیه بالرجالة منهم أبوالجنوب و اسمه عبدالرحمن الجعفی و القشعم بن عمرو بن یزید الجعفی و صالح بن وهب الیزنی و سنان بن أنس النخعی و خولی بن یزید الأصبحی فجعل شمر بن ذی الجوشن یحرضهم فمر بأبی الجنوب و هو شاك فی السلاح فقال له أقدم علیه قال و ما یمنعك أن تقدم علیه أنت فقال له شمر ألی تقول ذا قال و أنت لی تقول ذا فاستبا فقال له أبوالجنوب و كان شجاعا و الله لهممت أن أخضخض السنان فی عینك قال فانصرف عنه شمر و قال و الله لئن قدرت علی أن أضرك لأضرنك قال ثم ان شمر بن ذی الجوشن أقبل فی الرجالة نحو الحسین فأخذ الحسین یشد علیهم فینكشفون عنه ثم انهم أحاطوا به احاطة و أقبل الی الحسین غلام من أهله فأخذته أخته زینب ابنة علی لتحبسه فقال لها الحسین احبسیه فأبی الغلام و جاء یشتد الی الحسین فقام الی جنبه قال و قد أهوی بحر بن كعب بن عبیدالله من بنی تیم الله بن ثعلبة بن عكابة الی الحسین بالسیف فقال الغلام یا ابن الخبیثة أتقتل عمی فضربه بالسیف فاتقاه الغلام بیده فأطنها الا الجلدة فاذا یده معلقة فنادی الغلام یا أمتاه فأخذه الحسین فضمه الی صدره و قال یا ابن أخی اصبر علی ما نزل بك و احتسب فی ذلك الخیر فان الله یلحقك بآبائك الصالحین برسول الله صلی الله علیه و سلم و علی بن أبی طالب و حمزة و جعفر و الحسن بن علی صلی الله علیهم أجمعین.

قال أبومخنف حدثنی سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم قال


سمعت الحسین یومئذ و هو یقول اللهم أمسك عنهم قطر السماء و امنعهم بركات الأرض اللهم فان متعتهم الی حین ففرقهم [137] فرقا و اجعلهم طرائق قددا [138] و لا ترض عنهم الولاة أبدا فانهم دعونا لینصرونا فعدوا علینا فقتلونا قال و ضارب الرجالة حتی انكشفوا عنه قال و لما بقی الحسین فی ثلاثة رهط أو أربعة دعا بسراویل محققة یلمع فیها البصر یمانی محقق ففزره و نكثه لكیلا یسلبه فقال له بعض أصحابه لو لبست تحته تبانا قال ذلك ثوب مذلة و لا ینبغی لی أن ألبسه قال فلما قتل أقبل بحر بن كعة فسلبه ایاه فتركه مجردا.

قال أبومخنف فحدثنی عمرو بن شعیب عن محمد بن عبدالرحمن أی یدی بحر بن كعب كانتا فی الشتاء ینضحان الماء و فی الصیف ییبسان كأنهما عود.

قال أبومخنف عن الحجاج بن عبدالله بن عمار بن عبد یغوث البارقی و عتب علی عبدالله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسین فقال عبدالله بن عمار ان لی عند بنی هاشم لیدا قلنا له و ما یدك عندهم قال حملت علی حسین بالرمح فانتهیت الیه فوالله لو شئت لطعنته ثم انصرفت عنه غیر بعید و قلت ما أصنع بأن أتولی قتله یقتله غیری قال فشد علیه رجالة ممن عن یمینه و شماله فحمل علی من عن یمینه حتی ابذعروا [139] و علی من عن شماله حتی ابذعروا و علیه قمیص له من خز و هو معتم [140] قال فوالله ما رأیت مكسورا قط قد قتل ولده و أهل بیته و أصحابه أربط [141] جأشا و لا أمضی جنانا منه و لا أجرا مقدما و الله ما رأیت قبله و لا بعده مثله ان كانت الرجالة لتنكشف من عن یمینه و شماله انكشاف المعزی اذا شد فیها الذئب قال فوالله انه لكذلك اذ خرجت زینب ابنة فاطمة أخته و كأنی أنظر الی قرطها یجول بین أذنیها و عاتقها و هی تقول لیت


السماء [142] تطابقت علی الأرض و قد دنا عمر بن سعد من حسین فقالت یا عمر بن سعد أیقتل أبو عبدالله و أنت تنظر الیه قال فكأنی أنظر الی دموع عمر و هی تسیل علی خدیه و لحیته قال و صرف بوجهه عنها.

قال أبومخنف حدثنی الصقعب بن زهیر عن حمید بن مسلم قال كانت علیه جبة من خز و كان معتما و كان مخضوبا بالوسمة [143] قال و سمعته یقول قبل أن یقتل و هو یقاتل علی رجلیه قتال الفارس الشجاع یتقی الرمیة و یفترض [144] العورة و یشد علی الخیل و هو یقول أعلی قتلی تحاثون [145] أما و الله لا تقتلون بعدی عبدا من عباد الله الله أسخط علیكم لقتله منی و أیم الله [146] انی لأرجو أن یكرمنی الله [147] بهوانكم ثم ینتقم لی منكم من حیث لا تشعرون أما و الله ان لو قد قتلتمونی لقد ألقی الله بأسكم بینكم و سفك دماءكم ثم لا یرضی لكم حتی یضاعف لكم العذاب الألیم قال و لقد مكث طویلا من النهار ولو شاء الناس ان یقتلوه لفعلوا ولكنهم كان یتقی بعضهم ببعض و یحب هولاء أن یكفیهم هؤلاء قال فنادی شمر فی الناس و یحكم ماذا تنظرون بالرجل اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم قال فحمل علیه من كل جانب فضربت كفه الیسری ضربة ضربها زرعة بن شریك التمیمی و ضرب علی عاتقه ثم انصرفوا و هو ینوء [148] و یكبو [149] قال و حمل علیه فی تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعی فطعنه بالرمح فوقع ثم قال لخولی بن یزید الأصبحی احتز رأسه فأراد أن یفعل فضعف فأرعد فقال له سنان بن أنس فت الله عضدیك [150] و أبان یدیك فنزل الیه فذبحه و احتز رأسه


ثم دفع الی خولی بن یزید و قد ضرب قبل ذلك بالسیوف.

قال أبومخنف عن جعفر بن محمد بن علی قال وجد بالحسین علیه السلام حین قتل ثلاث و ثلاثون طعنة و أربع و ثلاثون ضربة [151] قال و جعل سنان بن أنس لا یدنو أحد من الحسین الا شد علیه مخافة أن یغلب علی رأسه حتی أخذ رأس الحسین فدفعه الی خولی قال و سلب الحسین ما كان علیه فأخذ سراویله بحر بن كعب و أخذ قیس بن الأشعث قطیفته و كانت من خز و كان یسمی بعد قیس قطیفة و أخذ نعلیه رجل من بنی أود یقال له الأسود و أخذ سیفه رجل من بنی نهشل بن دارم فوقع بعد ذلك الی أهل حبیب بن بدیل قال و مال الناس علی الورس و الحلل و الابل و انتهبوها قال و مال الناس علی نساء الحسین و ثقله و متاعه فان كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتی تغلب علیه فیذهب به منها.

قال أبومخنف حدثنی زهیر بن عبدالرحمن الخثعمی أن سوید بن عمرو بن أبی المطاع كان صرع فأثخن [152] فوقع بین القتلی مثخنا فسمعهم یقولون قتل الحسین فوجد فاقة فاذا معه سكین و قد أخذ سیفه فقاتلهم بسكینه ساعة ثم انه قتل قتله عروة بن بطار التغلبی و زید بن رقاد الجنبی و كان آخر قتیل.

قال أبومخنف حدثنی سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم قال انتهیت الی علی بن الحسین بن علی الأصغر و هو منبسط علی فراش له و هو مریض و اذا شمر بن ذی الجوشن فی رجالة معه یقولون ألا نقتل هذا قال فقلت سبحان الله أنقتل الصبیان انما هذا صبی قال فمازال ذلك دأبی أدفع عنه كل من جاء حتی جاء عمر بن سعد فقال ألا لا یدخلن بیت هؤلاء النسوة أحد و لا یعرضن لهذا الغلام المریض و من أخذ من متاعهم شیئا فلیرده علیهم قال فوالله ما رد أحد شیئا قال فقال علی بن الحسین جزیت من رجل خیرا فوالله لقد دفع الله عنی بمقالتك شرا قال فقال الناس لسنان بن أنس قتلت حسین بن علی و ابن فاطمة ابنة رسول الله صلی الله علیه و سلم قتلت أعظم العرب خطرا جاء الی هؤلاء یرید أن یزیلهم


عن ملكهم فأت أمراءك فاطلب ثوابهم و انهم لو أعطوك بیوت أموالهم فی قتل الحسین كان قلیلا فأقبل علی فرسه و كان شجاعا شاعرا و كانت به لوثة [153] فأقبل حتی وقف علی باب فسطاط عمر بن سعد ثم نادی بأعلی صوته:



أوقر ركابی فضة و ذهبا

أنا [154] قتلت الملك المحجبا



قتلت خیر الناس أما و أبا

و خیرهم اذ ینسبون نسبا



فقال عمر بن سعد أشهد أنك لمجنون ما صحوت [155] قط أدخلوه علی فلما أدخل حذفه بالقضیب ثم قال یا مجنون أتتكلم بهذا الكلام أما و الله لو سمعك ابن زیاد لضرب عنقك قال و أخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان و كان مولی للرباب بنت امری ء القیس الكلبیة و هی أم سكینة بنت الحسین فقال له ما أنت قال أنا عبد مملوك فخلی سبیله فلم ینج منهم أحد عیره الا أن المرقع بن ثمامة الأسدی كان قد نثر نبله و جثا علی ركبتیه فقاتل فجاءه نفر من قومه فقالوا له أنت آمن اخرج الینا فخرج الیهم فلما قدم بهم عمر بن سعد علی ابن زیاد و أخبره خبره سیره الی الزارة قال ثم أن عمر بن سعد نادی فی أصحابه من ینتدب للحسین و یوطئه فرسه فانتدب عشرة منهم اسحاق بن حیوة بن سلامة الحضرمی فأتوا فداسوا الحسین بخیولهم حتی رضوا ظهره و صدره فبلغنی أن أحبش بن مرثد بعد ذلك بزمان أتاه سهم غرب و هو واقف فی قتال ففلق قلبه فمات قال فقتل من أصحاب الحسین علیه السلام اثنان و سبعون [156] رجلا و دفن الحسین و أصحابه أهل الغاضریة [157] من بنی أسد بعد ما قتلوا بیوم و قتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانیة و ثمانون رجلا سوی الجرحی فصلی علیهم عمر بن سعد و دفنهم قال و ما هو الا أن قتل الحسین فسرح برأسه من یومه ذلك مع خولی بن یزید و حمید بن مسلم الأزدی الی عبیدالله بن زیاد فأقبل به خولی فأراد


القصر فوجد القصر مغلقا فأتی منزله فوضعه تحت اجانة [158] فی منزلة و له امرأتان امرأة من بنی أسد و الأخری من الحضرمیین یقال له النوار ابنة مالك بن عقرب و كانت تلك اللیلة لیلة الحضرمیة قال هشام فحدثنی أبی عن النوار بنت مالك قالت أقبل خولی برأس الحسین فوضعه تحت اجانة فی الدار ثم دخل البیت فأوی الی فراشه فقلت له ما الخبر ما عندك قال جئتك بغنی الدهر هذا رأس الحسین معك فی الدار قالت فقلت ویلك جاء الناس بالذهب و الفضة و جئت برأس ابن رسول الله صلی الله علیه و سلم لا و الله لا یجمع رأسی و رأسك بیت أبدا قالت فقمت من فراشی فخرجت الی الدار فدعا الأسدیة فأدخلها الیه و جلست أنظر قالت فوالله مازلت أنظر الی نور یسطع مثل العمود من السماء الی الاجانة و رأیت طیرا بیضا ترفرف حولها قال فلما أصبح غدا بالرأس الی عبیدالله بن زیاد و أقام عمر بن سعد یومه ذلك و الغد ثم أمر حمید بن بكیر الأحمری فأذن فی الناس بالرحیل الی الكوفة و حمل معه بنات الحسین و أخواته و من كان معه من الصبیان و علی بن الحسین مریض.

قال أبومخنف فحدثنی أبوزهیر العبسی عن قرة بن قیس التمیمی قال نظرت الی تلك النسوة لما مررن بحسین و أهله و ولده صحن و لطمن وجوههن قال فاعترضتهن علی فرس فما رأیت منظرا من نسوة قط كان أحسن من منظر رأیته منهن ذلك و الله لهن أحسن من مهی یبرین قال فما نسیت من الأشیاء لا أنسی قول زینب ابنة فاطمة حین مرت بأخیها الحسین صریعا و هی تقول یا محمداه یا محمداه صلی علیك ملائكة السماء هذا الحسین بالعرا [159] مزمل [160] بالدما مقطع الأعضا یا محمداه و بناتك [161] سبایا و ذریتك مقتلة تسفی [162] علیها الصبا [163] قال فأبكت و الله كل عدو و صدیق قال و قطف رؤوس الباقین فسرح


باثنین و سبعین رأسا مع شمر بن ذی الجوشن و قیس بن الأشعث و عمر بن الحجاج و عزرة بن قیس فأقبلوا حتی قدموا بها علی عبیدالله بن زیاد.

قال أبومخنف حدثنی سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم قال دعانی عمر بن سعد فسرحنی الی أهله لأبشرهم بفتح الله علیه و بعافیته فأقبلت حتی أتیت أهله فأعلمتهم ذلك ثم أقبلت حتی أدخل فأجد ابن زیاد قد جلس للناس و أجد الوفد قد قدموا علیه فأدخلهم و أذن للناس فدخلت فیمن دخل فاذا رأس الحسین موضوع بین یدیه و اذا هو ینكت بقضیب [164] بین ثنیتیه ساعة فلما رآه زید بن أرقم لا ینجم عن نكته بالقضیب قال له أعل بهذا القضیب عن هاتین الثنیتین فوالذی لا اله غیره لقد رأیت شفتی رسول الله صلی الله علیه و سلم علی هاتین الشفتین یقبلهما ثم انفضخ الشیخ یبكی فقال له ابن زیاد أبكی الله عینیك فوالله لولا أنك شیخ قد خرفت [165] و ذهب عقلك لضربت عنقك قال فنهض فخرج فلما خرج سمعت الناس یقولون و الله لقد قال زید بن أرقم قولا لو سمعه ابن زیاد لقتله قال فقلت ما قال قالوا مر بنا و هو یقول ملك عبد عبدا فاتخذهم تلدا أنتم یا معشر العرب العبید بعد الیوم قتلتم ابن فاطمة و أمرتم [166] ابن مرجانة فهو یقتل خیاركم و یستعبد شراركم فرضیتم بالذل فبعدا لمن رضی بالذل قال فلما دخل برأس حسین و صبیانه و أخواته و نسائه علی عبیدالله بن زیاد لبست زینب ابنة فاطمة أرذل ثیابها و تنكرت و حف بها اماؤها فلما دخلت جلست فقال عبیدالله بن زیاد من هذه الجالسة فلم تكلمه فقال ذلك ثلاثا كل ذلك لا تكلمه فقال بعض [167] امائها هذه زینب ابنة فاطمة قال فقال لها عبیدالله الحمدلله الذی فضحكم و قتلكم و أكذب أحدوثتكم [168] فقالت الحمدلله الذی أكرمنا بمحمد صلی الله علیه و سلم و طهرنا تطهیرا لا كما تقول أنت انما یفتضح الفاسق و یكذب الفاجر


قال فكیف رأیت صنع الله بأهل بیتك قالت كتب علیهم القتل فبرزوا الی مضاجعهم و سیجمع الله بینك و بینهم فتحاجون [169] الیه و تخاصمون [170] عنده قال فغضب ابن زیاد و استشاط [171] قال فقال له عمرو بن حریث أصلح الله الأمیر انما هی امرأة و هل تؤاخذ المرأة بشی ء من منطقها انها لا تؤاخذ بقول و لا تلام علی خطل [172] فقال لها ابن زیاد قد أشفی الله نفسی من طاغیتك و العصاة المردة [173] من أهل بیتك قال فبكت ثم قالت لعمری لقد قتلت كهلی و أبرت [174] أهلی و قطعت [175] فرعی و اجثثت [176] أصلی فان یشفك هذا فقد اشتفیت فقال لها عبیدالله هذه شجاعة قد لعمری كان أبوك شاعرا شجاعا قالت ما للمرأة و الشجاعة ان لی عن الشجاعة لشغلا ولكنی نفی ما أقول.

قال أبومخنف عن المجالد بن سعید ان عبیدالله بن زیاد لما نظر الی علی بن الحسین قال لشرطی انظر هل أدرك هذا ما یدرك الرجال فكشط ازاره عنه فقال نعم قال انطلقوا به فاضربوا عنقه فقال له علی ان كان بینك و بین هؤلاء النسوة قرابة فابعث معهن رجلا یحافظ علیهن فقال له ابن زیاد تعال أنت فبعثه معهن.

قال أبومخنف و أما سلیمان بن أبی راشد فحدثنی عن حمید بن مسلم قال انی لقائم عند ابن زیاد حین عرض علیه علی بن الحسین فقال له ما اسمك قال أنا علی بن الحسین قال أو لم یقتل الله علی بن الحسین فسكت فقال له ابن زیاد مالك لا تتكلم قال قد كان لی أخ یقال له أیضا علی فقتله الناس قال ان الله قد قتله قال فسكت علی فقال له مالك لا تتكلم قال الله یتوفی الأنفس حین موتها


و ما كان لنفس أن تموت الا باذن الله قال أنت و الله منهم ویحك انظروا هل أدرك و الله انی لأحسبه رجلا قال فكشف عنه مری بن معاذ الأحمری فقال نعم قد أدرك فقال اقتله فقال علی بن الحسین من توكل [177] بهؤلاء النسوة و تعلقت به زینب عمته فقالت یا ابن زیاد حسبك منا أما رویت من دمائنا و هل أبقیت منا أحدا قال فاعتنقته فقالت أسألك بالله ان كنت مؤمنا ان قتلته لما قتلتنی معه قال و ناداه علی فقال یا ابن زیاد ان كانت بینك و بینهم فرابة قابعث معهن رجلا تقیا یصحبهن بصحبة الاسلام قال فنظر الیها ساعة ثم نطر الی القوم فقال عجبا للرحم و الله انی لأظنها ودت لو أنی قتلته أنی قتلتها معه دعوا الغلام انطلق مع نسائك قال حمید بن مسلم لما دخل عبیدالله القصر و دخل الناس نودی الصلاة جامعة فاجتمع الناس فی المسجد الأعظم فصعد المنبر ابن زیاد فقال الحمدلله الذی أظهر الحق و أهله و نصر أمیرالمؤمنین یزید بن معاویة و حزبه و قتل الكذاب ابن الكذاب الحسین بن علی و شیعته فلم یفرغ ابن زیاد من مقالته حتی وثب الیه عبدالله بن عفیف الأزدی ثم الغامدی ثم أحد بنی والبة و كان من شیعة علی كرم الله وجهه و كانت عینه الیسری ذهبت یوم الجمل مع علی فلما كان یوم صفین ضرب علی رأسه ضربة و أخری علی حاجبه فذهبت عینه الأخری فكان لا یكاد یفارق المسجد الأعظم یصلی فیه الی اللیل ثم ینصرف قال فلما سمع مقالة ابن زیاد قال یا ابن مرجانة ان الكذاب ابن الكذاب أنت و أبوك و الذی ولاك و أبوه یا ابن مرجانة أتقتلون ابناء النبیین و تكلمون بكلام الصدیقین فقال ابن زیاد علی به قال فوثبت علیه الجلاوزة فأخذوه قال فنادی بشعار الازد یا مبرور قال و عبدالرحمن بن مخنف الأزدی جالس فقال ویح غیرك أهلكت نفسك و أهلكت قومك قال و حاضر الكوفة یومئذ من الأزد سبعمائة مقاتل قال فوثب الیه فتیة من الأزد فانتزعوه فأتوا به أهله فأرسل الیه من أتاه به فقتله و أمر بصلبه فی السبخة فصلب هنالك.

قال أبومخنف ثم ان عبیدالله بن زیاد نصب رأس الحسین بالكوفة فجعل یدار به فی الكوفة ثم دعا زحر بن قیس فسرح معه برأس الحسین و رؤس


أصحابه الی یزید بن معاویة و كان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدی و طارق بن أبی ظبیان الأزدی فخرجوا حتی قدموا بها الشأم علی یزید بن معاویة قال هشام فحدثنی عبدالله بن یزید بن روح بن زنباع الجذامی عن أبیه عن الغاز بن ربیعة الجرشی من حمیر قال والله انا لعند یزید بن معاویة بدمشق اذ أقبل زحر بن قیس حتی دخل علی یزید بن معاویة فقال له یزید ویلك ما وراءك و ما عندك قال أبشر یا أمیرالمؤمنین بفتح الله و نصره ورد علینا الحسین بن علی فی ثمانیة عشر من أهل بیته و ستین من شیعته فسرنا الیهم فسألناهم أن یستسلموا و ینزلوا علی حكم الأمیر عبیدالله بن زیاد أو القتال فاختاروا القتال علی الاستسلام فعدونا علیهم [178] مع شروق الشمس فأحطنا بهم من كل ناحیة حتی اذا اخذت السیوف مأخذها من [179] هام القوم یهربون الی غیر وزر و یلوذون [180] منا بالآكام [181] و الحفر لواذا كما لاذ الحمائم من صقر فوالله یا أمیرالمؤمنین ما كان الا جزر جزور أو نومة قائل حتی أتینا علی آخرهم فهاتیك أجسادهم مجردة و ثیابهم مزملة و خدودهم معفرة تصهرهم الشمس و تسفی علیهم الریح زوارهم العقبان [182] و الرخم [183] بقی سبسب قال فدمعت عین یزید [184] و قال قد كنت أرضی من طاعتكم بدون قتل الحسین لعن الله ابن سمیة أما والله لو أنی صاحبه لعفوت عنه فرحم الله الحسین [185] و لم یصله بشی ء قال ثم ان عبیدالله أمر بنساء الحسین و صبیانه فجهزن و أمر بعلی بن الحسین فغل بغل الی عنقه ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة العاذی عائذة قریش و مع شمر بن ذی الجوشن فانطلقا بهم حتی قدموا علی یزید فلم یكن علی بن الحسین یكلم أحدا منهما فی الطریق كلمة


حتی بلغوا فلما انتهوا الی باب یزید رفع محفز بن ثعلبة صوته فقال هذا محفز بن ثعلبة أتی أمیرالمؤمنین باللئام الفجرة قال فأجابه یزید بن معاویة ما ولدت أم محفز شر و ألأم.

قال أبومخنف حدثنی الصقعب بن زهیر عن القاسم بن عبدالرحمن مولی یزید بن معاویة قال لما وضعت الرؤوس بین یدی یزید رأس الحسین و أهل بیته و أصحابه قال یزید:



یفلقن هاما من رجال أعزة

علینا و هم كانوا [186] أعق و أظلما



أما و الله یا حسین لو أنا صاحبك ما قتلتك.

قال أبومخنف حدثنی أبوجعفر العبسی عن أبی عمارة العبسی قال فقال یحیی بن الحكم أخو مروان بن الحكم.



لهام بجنب الطف أدنی قرابة

من ابن زیاد العبد ذی الحسب الوغل [187]



سمیة أمسی نسلها عدد الحصی

و لیس لآل المصطفی الیوم من نسل



قال فضرب یزید بن معاویة فی صدر یحیی بن الحكم و قال اسكت قال و لما جلس یزید بن معاویة دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ثم دعا بعلی بن الحسین و صبیان الحسین و نساءه فأدخلوا علیه و الناس ینظرون فقال یزید لعلی یا علی أبوك الذی قطع رحمی و جهل حقی و نازعنی سلطانی فصنع الله به ما قد رأیت قال فقال علی ما أصاب من مصیبة فی الأرض و لا فی أنفسكم الا فی كتاب من قبل أن نبرأها فقال یزید لابنه خالد اردد علیه قال فما دری خالد ما یرد علیه فقال له یزید قل ما أصابكم من مصیبة فبما كسبت أیدیكم و یعفو عن كثیر ثم سكت عنه قال ثم دعا بالنساء و الصبیان فأجلسوا بین یدیه فرأی هیئة قبیحة فقال قبح الله ابن مرجانة لو كانت بینه و بینكم رحم أو قرابة ما فعل هذا بكم و لا بعث بكم هكذا [188] .


قال أبومخنف عن الحارث بن كعب عن فاطمة بنت علی قالت لما أجلسنا بین یدی یزید بن معاویة رق [189] لنا و أمر لنا بشی ء و ألطفنا قالت ثم ان رجلا من أهل الشأم أحمر قال الی یزید فقال یا أمیرالمؤمنین هب لی هذه یعنینی و كنت جاریة وضیئة [190] فأرعدت [191] و فرقت [192] و ظننت أن ذلك جائز لهم و أخذت بثیاب أختی زینب قالت و كانت أختی زینب أكبر منی و أعقل و كانت تعلم أن ذلك لا یكون فقالت كذبت و الله و لؤمت ما ذلك لك و له فغضب یزید فقال كذبت و الله ان ذلك لی ولو شئت أن أفعله لفعلت قالت كلا و الله ما جعل الله ذلك لك الا أن تخرج من ملتنا و تدین بغیر دیننا قالت فغضب یزید و استطار ثم قال ایای تستقبلین بهذا انما خرج من الدین أبوك و أخوك فقالت زینب بدین الله و دین أبی و دین أخی و جدی اهتدیت أنت و أبوك و جدك قال كذبت یا عدوة الله قالت أنت أمیر مسلط تشتم ظالما [193] و تقهر بسلطانك قالت فوالله لكأنه استحیا فسكت ثم عاد الشامی فقال یا أمیرالمؤمنین هب لی هذه الجاریة قال أعزب [194] و هب الله لك حتفا [195] قاضیا قالت ثم قال یزید بن معاویة یا نعمان بن بشیر جهزهم بما یصلحهم و ابعث معهم رجلا من أهل الشام أمینا صالحا و ابعث معه خیلا و أعوانا فیسیر بهم الی المدینة ثم أمر بالنسوة أن ینزلن فی دار علی حدة معهن ما یصلحهن و أخوهن معهن علی بن الحسین فی الدار التی هن فیها قال فخرجن حتی دخلن دار یزید فلم تبق من آل معاویة امرأة الا استقبلتهن تبكی و تنوح علی الحسین فأقاموا علیه المناحة ثلاثا و كان یزید لا یتغدی و لا یتعشی الا دعا علی بن الحسین الیه قال فدعاه ذات یوم و دعا عمرو بن الحسن بن علی و هو غلام صغیر فقال لعمرو بن الحسن أتقاتل هذا الفتی یعنی خالدا ابنه قال لا


ولكن أعطنی سكینا و أعطه سكینا ثم أقاتله فقال له یزید و أخذه فضمه الیه ثم قال شنشنة أعرفها من أخزم هل تلد الحیة الا حیة قال و لما أرادوا أن یخرجوا دعا یزید علی بن الحسین ثم قال لعن الله ابن مرجانة أما و الله لو أنی صاحبه ما سألنی خصلة أبدا الا أعطیتها ایاه و لدفعت الحتف [196] عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدی ولكن الله قضی ما رأیت كاتبنی و أنه كل حاجة تكون لك قال و كساهم و أوصی بهم ذلك الرسول قال فخرج بهم و كان یسایرهم باللیل فیكونون أمامه حیث لا یفوتون طرفه فاذا نزلوا تنحی عنهم و تفرق هو و أصحابه حولهم كهیئة الحرس لهم و ینزل منهم بحیث اذا أراد انسان منهم وضوءا أو قضاء حاجة لم یحتشم فلم یزل ینازلهم فی الطریق هكذا و یسألهم عن حوائجهم و یلطفهم حتی دخلوا المدینة و قال الحارث بن كعب فقالت لی فاطمة بنت علی قلت لأختی زینب یا أخیه لقد أحسن هذا الرجل الشأمی الینا فی صحبتنا فهل لك أن نصله فقالت و الله ما معنا شی ء نصله به الا حلینا قالت لها فنعطیه حلینا قالت فأخذت سواری و دملجی [197] و أخذت أختی سوارها و دملجها فبعثنا بذلك الیه و اعتذرنا و قلنا له هذا جزاؤك بصحبتك ایانا بالحسن من الفعل قال فقال لو كان الذی صنعت انما هو للدنیا كان فی حلیكن ما یرضینی و دونه ولكن و الله ما فعلته الا لله و لقرابتكم من رسول الله صلی الله علیه و سلم.

قال هشام و أما عوانة بن الحكم الكلبی فانه قال لما قتل الحسین وجی ء بالأثقال و الأساری حتی وردوا بهم [198] الكوفة الی عبیدالله فبینا القوم محتبسون اذ وقع حجر فی السجن معه كتاب مربوط و فی الكتاب خرج البرید بأمركم فی یوم كذا و كذا الی یزید بن معاویة و هو سائر كذا و كذا یوما و راجع فی كذا و كذا فان سمعتم التكبیر فأیقنوا بالقتل و ان لم تسمعوا تكبیرا فهو الأمان ان شاء الله قال فلما كان قبل قدوم البرید بیومین أو ثلاثة اذا حجر قد ألقی فی السجن و معه كتاب مربوط و موسی و فی الكتاب أوصوا و اعهدوا فانما ینتظر البرید یوم كذا


و كذا فجاء البرید و لم یسمع التكبیر و جاء كتاب بأن سرح الأساری الی قال فدعا عبیدالله بن زیاد محفز بن ثعلبة و شمر بن ذی الجوشن فقال انطلقوا بالثقل و الرأس الی أمیرالمؤمنین یزید بن معاویة قال فخرجوا حتی قدموا علی یزید فقام محفز بن ثعلبة فنادی بأعلی صوته جئنا برأس أحمق الناس و ألأمهم فقال یزید ما ولدت أم محفر ألأم ولكنه قاطع ظالم قال فلما نظر یزید الی رأس الحسین قال [199] :



یفلقن هاما من رجال أعزة

علینا و هم كانوا أعق و أظلما



ثم قال أتدرون من أین أتی هذا قال أبی علی خیر من أبیه و أمی فاطمة خیر من أمه و جدی رسول الله خیر من جده و أنا خیر منه و أحق بهذا الأمر منه فأما قوله أبوه خیر من أبی فقد حاج أبی أباه و علم الناس أیهما حكم له و أما قوله أمی خیر من أمه فلعمری فاطمة ابنة رسول الله صلی الله علیه و سلم خیر من أمی و أما قوله جدی خیر من جده فلعمری ما أحد یؤمن بالله و الیوم الآخر یری لرسول الله فینا عدلا و لا ندا ولكنه انما أتی من قبل [200] فقهه و لم یقرأ (قل اللهم مالك الملك تؤت الملك من تشاء و تنزع الملك من تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بیدك الخیر انك علی كل شی ء قدیر) ثم أدخل نساء الحسین علی یزید فصاح نساء آل یزید و بنات معاویة و أهله و ولولن [201] ثم انهن أدخلن علی یزید فقالت فاطمة بنت الحسین و كانت أكبر من سكینة أبنات رسول الله سبایا یزید فقال یزید یا ابنة أخی أنا لهذا كنت أكره قالت و الله ما ترك لنا خرص [202] قال یا ابنة أخی ما آتی الیك أعظم مما أخذ منك ثم أخرجن فأدخلن فأدخلن دار یزید بن معاویة فلم تبق امرأة من آل یزید الا أتتهن و أقمن المأتم و أرسل یزید الی كل امرأة ماذا أخذ لك و لیس منهن امرأة تدعی شیئا بالغا ما بلغ الا قد أضعفه لها فكانت سكینة تقول ما رأیت رجلا كافرا بالله خیرا من یزید بن معاویة ثم أدخل الأساری الیه


و فیهم علی بن الحسین فقال له یزید ایه یا علی فقال علی ما أصاب من مصیبة فی الأرض و لا فی أنفسكم الا فی كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علی الله یسیر لكیلا تأسوا علی ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم و الله لا یحب كل مختال فخور فقال یزید ما أصاب من مصیبة فبما كسبت أیدیكم و یعفو عن كثیر ثم جهزه و أعطاه مالا و سرحه الی المدینة.

قال هشام عن أبی مخنف قال حدثنی أبو حزة الثمالی عن عبدالله الصمالی عن القاسم بن بخیت قال لما أقبل وفد أهل الكوفة برأس الحسین دخلوا مسجد دمشق فقال لهم مروان بن الحكم كیف صنعتم قالوا ورد علینا منهم ثمانیة عشر رجلا فأتینا و الله علی آخرهم و هذه الرؤوس و السبایا فوثب مروان فانصرف و أتاهم أخوه یحیی بن الحكم فقال ما صنعتم فأعادوا علیه الكلام فقال حجبتم عن محمد یوم القیامة لن أجامعكم [203] علی أمر أبدا ثم قام فانصرف و دخلوا علی یزید فوضعوا الرأس بین یدیه و حدثوه الحدیث قال فسمعت دور الحدیث هند بنت عبدالله بن عامر بن كریز و كانت تحت یزید بن معاویة فتقنعت بثوبها و خرجت فقالت یا أمیرالمؤمنین أرأس الحسین بن فاطمة بنت رسول الله قال نعم فأعولی [204] علیه و حدی علی ابن بنت رسول الله صلی الله علیه و سلم و صریحة [205] قریش عجل علیه [206] ابن زیاد فقتله الله ثم أذن للناس فدخلوا و الرأس بین یدیه و مع یزید قضیب فهو ینكت به فی ثغره ثم قال ان هذا و ایانا كما قال الحصین بن الحمام المری.



یفلقن هاما من رجال أحبة [207]

الینا [208] و هم كانوا أعق و أظلما



قال فقال رجل من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و سلم یقال له أبوبرزة الأسلمی [209] .


أتنكت بقضیبك فی ثغر الحسین أما لقد أخذ قضیبك من ثغره مأخذا لربما رأیت رسول الله صلی الله علیه و سلم یرشفه أما انك یا یزید تجی ء یوم القیامة و ابن زیاد شفیعك و یجی ء هذا یوم القیامة و محمد صلی الله علیه و سلم شفیعه ثم قام فولی [210] قال هشام حدثنی عوانة بن الحكم قال لما قتل عبیدالله بن زیاد الحسین بن علی وجی ء برأسه الیه دعا عبدالملك بن أبی الحارث السلمی فقال انطلق حتی تقدم المدینة علی عمرو بن سعید بن العاص فبشره بقتل الحسین و كان عمرو بن سعید بن العاص أمیر المدینة یومئذ قال فذهب لیعتل له فزجره و كان عبیدالله لا یصطلی بناره فقال انطلق حتی تأتی المدینة و لا یسبقك الخبر و أعطاه دنانیر و قال لا تعتل و ان قامت بك راحلتك فاشتر راحلة قال عبدالملك فقدمت المدینة فلقینی رجل من قریش فقال ما الخبر فقلت الخبر عند الأمیر فقال انا لله و انا الیه راجعون قتل الحسین بن علی قال فدخلت علی عمرو بن سعید فقال ماوراءك فقلت ما سر الأمیر قتل الحسین بن علی فقال نادی بقتله فنادیت بقتله فلم أسمع و الله واعیة قط مثل واعیة نساء بنی هاشم فی دورهن علی الحسین فقال عمرو بن سعید وضحك:



عجت نساء بنی زیاد عجة

كعجیج نسوتنا غداة الأرنب



و الأرنب وقعة كانت لبنی زبید علی بنی زیاد من بنی الحارث بن كعب من رهط عبدالمدان و هذا البیت لعمرو بن معد یكرب ثم قال عمرو هذه واعیة بواعیة عثمان ابن عفان ثم صعد المنبر فأعلم الناس قتله.

قال هشام عن أبی مخنف عن سلیمان بن أبی راشد عن عبدالرحمن بن عبید أبی الكنود قال لما بلغ عبدالله بن جعفر بن أبی طالب مقتل ابنیة مع الحسین دخل علیه بعض موالیه و الناس یعزونه قال و لا أظن مولاه ذلك الا أبا اللسلاس فقال هذا ما لقینا و دخل علینا من الحسین قال فحذفه عبدالله بن جعفر بنعله ثم قال:

یا ابن اللخناء [211] أللحسین تقول هذا و الله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه


جتی أقتل معه و الله انه لمما یسخی بنفسی عنهما ویهون علی المصاب بهما انهما أصیبا مع أخی و ابن عمی مواسیین له صابرین معه ثم أقبل علی جلسائه فقال الحمدلله عزوجل علی بمصرع الحسین أن لا یكن آست حسینا یدی فقد آساه ولدی قال و لما أتی أهل المدینة مقتل الحسین خرجت ابنة عقیل بن أبی طالب و معها نساؤها و هی حاسرة تلوی بثوبها و هی تقول:



ماذا تقولون ان قال النبی لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم



بعترتی و بأهلی بعد مفتقدی

منهم أساری و منهم ضرجوا بدم



قال هشام عن عوانة قال قال عبیدالله بن زیاد لعمر بن سعد بعد قتله الحسین یا عمر أین الكتاب الذی كتبت به الیك فی قتل الحسین قال مضیت لأمرك و ضاع الكتاب قال لتجیئن به قال ضاع قال و الله لتجیئنی به قال ترك و الله یقرأ علی عجائز قریش اعتذارا الیهن بالمدینة أما و الله لقد نصحتك فی حسین نصیحة لو نصحتها أبی سعد بن أبی وقاص كنت قد أدیت حقه قال عثمان بن زیاد أخو عبیدالله صدق و الله لوددت أنه لیس من بنی زیاد رجل الا و فی أنفه خزامة [212] الی یوم القیامة و أن حسینا لمیقتل قال فوالله ما أنكر ذلك علیه عبیدالله.

قال هشام حدثنی بعض أصحابنا عن عمرو بن أبی المقدام قال حدثنی عمرو بن عكرمة قال أصبحنا صبیحة قتل الحسین بالمدینة فاذا مولی لنا یحدثنا قال سمعت البارحة منادیا ینادی و هو یقول:



أیها القائلون جهلا حسینا

أبشروا بالعذاب و التنكیل



كل أهل السماء یدعو علیكم

من نبی و ملك [213] و قبیل



قد لعنتم علی لسان ابن داو

د و موسی و حامل الانجیل



قال هشام حدثنی عمرو بن حیزوم الكلبی عن أبیه قال سمعت هذا الصوت.



[1] هوادي الخيل: جمع مفرده هاد و هادية، و تجمع أيضا علي هاديات. و هوادي الخيل: متقدماتها، و يقال ضرب هاديته أي ضرب عنقه.

[2] اليعاسيب جمع مفرده يعسوب و هو ذكر النحل.

[3] من سرعة سيرها.

[4] نسبة الي قبيلة بني يربوع من أحد بطون مكة.

[5] عنان الداية: هو ما ظهر منها و بلغ السماء أي نواحيها. و عنان الداية ناصيتها.

[6] الجور: الظلم و الحيف.

[7] كذا ورد بالأصل و الأصوب (و جهلتم) حسب السياق و هذا تحريف من الناسخ.

[8] حال القوم بينهم و بين الانصراف: منعوهم منه.

[9] تياسر: اتجه ناحية اليسار.

[10] ناكثا لعهد الله: ناقضا له.

[11] استأثروا بالفي ء: أي دون مستحقيه.

[12] من السلم: أي انتقاص الحق.

[13] خلعتم بيعتي من أعناقكم: تنكرتم لها و رجعتم فيها.

[14] أدبر معروفها: تولي و انصرم.

[15] الخسيس: الدني ء.

[16] الوبيل: الثقيل الوخيم.

[17] مثبورا: هالكا.

[18] ناجزه: أي بادله، و قال أكثم بن صيفي حكيم العرب: اذا أردت المحاجزة قيل المناجزة و يقال ناجزه القتال.

[19] و الرجال مهما كبرت شخوصهم و همومهم فهم صغار أمام المال و عبيد للحرص و حياله يفقدون صوابهم.

[20] يقال تألب عليه: تمرد و ثار، و هم ألب واحد عليك أي مجتمعون علي مقاومتك و الثورة عليك.

[21] تهوي: تميل.

[22] مشهورة: مشرعة مرفوعة عليك.

[23] قضي نحبه: قضي أجله.

[24] مذخور ثوابك: آجله.

[25] استرجع: قال: انا لله و انا اليه راجعون.

[26] خفق برأسه: اضطرب.

[27] عن لي فارس: ظهر و بدأ.

[28] المنايا: الموت.

[29] جعجع: الجعجعة صوت الرحي.

[30] مكافأة له علي الخروج لملاقاة الحسين و قتاله.

[31] لات حين مناص: أي هيهات له ذلك.

[32] لأن قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه فعلوا به مثل ذلك و هو في داره.

[33] القربة: ما يحفظون فيه الماء، و جمعها قرب.

[34] حلأتمونا عنه: منعتمونا اياه.

[35] دنا منه: اقترب منه.

[36] انكشفوا: ابتعدوا.

[37] هزيع: الثلث الأخير من الليل.

[38] ما يصير اليه أمر الناس: ما ينتهون اليه.

[39] عامة الليل: أكثره.

[40] أبوا: رفضوا.

[41] راجع ترجمه عمر بن سعد في الطبقات الكبري لابن سعد (168: 5).

[42] ننازلكم: نقاتلكم.

[43] يركض: يثب برجليه.

[44] لهوا: أي تلهوا.

[45] عبرتي: دمعتي.

[46] حاسرة: مكشوفة.

[47] ثمال الباقي: خلاصته، و يقال ما بقي من الماء الا ثمل و شرب ثمالة اللبن أي رغوته، و ثمل: انتشي.

[48] خرت: سقطت.

[49] لا تخمش: اي لا تخدش وجها.

[50] الثبور: الهلاك.

[51] الأطناب: جمع طنب و هي حبال الخباء.

[52] و لأبي شمر بن ذي الجوشن و هو ذوالجوشن الضبابي قصة هدايا أهداها و هو مشرك للنبي صلي الله عليه و سلم فرفض النبي قبولها حتي يسلم فرفض الاسلام الا بعد أن ينتصر المسلمون و قيل انه ندم بعد ذلك ندما شديدا لأنه لم يلب رغبة النبي صلي الله عليه و سلم عندما طلب منه أن يسلم. راجع الطبقات الكبري (48 - 46: 6).

[53] صليا: أي تصلية.

[54] نذار لكم: اسم فعل بمعني أنذركم مثل حذار.

[55] لا نبرح: لا نزال معك.

[56] الجلف: الجاف الخشن الأخلاق.

[57] ذب عن حريمهم: دافع و نافح عنهن.

[58] ذب عن حريمهم: دافع و نافح عنهن.

[59] الخوار: الكثير الضعف و الوهن.

[60] عدا به فرسه: جري به مسرعا.

[61] خر: سقط.

[62] حمل عليه بالرمح: شرد عليه ليقتله.

[63] يقصد به السيف.

[64] يقصد بابن حرب: يزيد بن معاوية.

[65] يافع: كبير.

[66] الوغي: وهن الحرب. (الوغا) كذا وردت بالأصل و الأصح بالياء.

[67] الذمار: الحمي.

[68] حسرا: مكشوفين.

[69] نازلوا: قاتلوا من النزال و هو القتال.

[70] يماصع: يقاتل بعنف و رجل مصع شديد.

[71] الأبيات من بحر الطويل و تفعيلاته كالآتي:



فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن

فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن



و هذا يقتضي أن تزيد الواو في أول بيت فتصبح:



و لو شاء ربي ما شهدت قتالهم.

[72] سبة: عار.

[73] الرمس: القبر.

[74] دووي: أي عولج.

[75] لبانه: صدره.

[76] تسربل بالدم: تلطخ به. و البيت غير مستقيم الوزن و هو في الأصل:



«مازلت أرميهم بثغرة نحره

و لبانه حتي تسربل بالدم»



.

[77] نسبة الي موقعة الجمل بين علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان.

[78] مرق من الدين: خرج منه.

[79] الغبرة: رهج الحرب.

[80] رمق: بقية.

[81] مذ اليوم: منذ اليوم.

[82] حشأه سهما: رشقه به.

[83] كبا: تعثر و انكفأ علي وجهه.

[84] ذو لبد هزبر: الأسد.

[85] يفري الجلد: يقطعه، و يفري فرية يختلق و يستحدث أكذوبة و أحدوثة مفتراة:

[86] يقوضونها: يهدمونها.

[87] شطرهم: نصفهم.

[88] يقال و لوا أكتادهم و أكتافهم، و يقال ولوا أكتادا مبالغة في توليهم الأكتاد. أي ولوا أدبارهم مسرعين.

[89] آدا: منكرا.

[90] أعذر: صار ذا عذر.

[91] لبان الفرس: صدره.

[92] راهق: بلغ سن المراهقة.

[93] غرة: غفلة.

[94] قائل: مستريح وقت القيلولة.

[95] يقال نكل عند العدو: جبن.

[96] أعراضهم: جمع مفرده عرض.

[97] استحلم: التحم.

[98] يزود: يطرد و يدفع.

[99] ما حملك علي ما صنعت: ما دفعك اليه؟

[100] انتضي سيفه: استله.

[101] عضب: يقال ناقة عضباء أي مشقوقة الأذن، و كانت ناقة رسول الله صلي الله عليه و سلم اسمها العضباء و لم تكن مشقوقة الأذن. و الصارم البتار القاطع و هو السيف.

[102] أحيط به: أحصر و حصر و يقال أحصروه. و حصروه و أحصروا به، و احتوشوه.

[103] أحيط به: أحصر و حصر و يقال أحصروه. و حصروه و أحصروا به، و احتوشوه.

[104] يوم التناد: يوم القيامة.

[105] الضيم: الظلم.

[106] مصلتا: مشروعا.

[107] ارضخوه: رضوه بالحجارة.

[108] يكرد اكثر من مائتين: يستظهر عليهم و يسوقهم أمامه.

[109] تعطفوا عليه من كل جانب: أحاطوا به و مالوا عليه.

[110] و هنا تدرك عزيزي القاري ء مدي اللذة و المتعة التي كانوا يشعرون بها و هم يحصدون أعناق الرجال بل يتنازعون في الفخر بذلك... لا حول و لا قوة الا بالله.

[111] خلص اليه: انتهي اليه بعد قتل أعوانه.

[112] النجاء بالمد و النجاة بالقصر.

[113] متنها: ظهرها.

[114] خادر: ساتر.

[115] الايغال: السير السريع و التقدم بامعان و يقال توغلوا.

[116] عطف عليهم الناس: أحاطوا بهم و مالوا عليهم.

[117] العفاء: التراب.

[118] أكبت عليه: مالت و انعطفت عليه.

[119] اعتوروهم: أحصروا بهم.

[120] الشسع: واحد شسوع النعل التي تشد الي زمامها.

[121] جلي: كشف.

[122] أطنها: سددها.

[123] جالت الخيل: طافت و ذهبت و جاءت.

[124] توطأته: أي وطأته.

[125] انجلت الغبرة: انكشف رهج الاشتباك.

[126] يفحص برجليه: يركل بهما.

[127] واتره: مساعده و ناصره.

[128] في الأصل (اغتم) و هو تصحيف.

[129] مذعور: مروع أو مرتاع.

[130] تذبذبان: أي تتذبذبان بحذف احدي التاءين للتخفيف.

[131] حولوا بينه و بين الماء: احرموه منه.

[132] أظمه: أي أجعله يظمأ.

[133] الرجالة: الذين يقاتلون مترجلين.

[134] قبل منزل الحسين: تجاهه.

[135] يوم المعاد: يوم القيامة.

[136] الطغام: أوغاد الناس، و جهالهم.

[137] فرقا: خوفا.

[138] قددا: أي فرقا.

[139] ابذعروا: ذعروا.

[140] معتم: أي قد لف عمامته.

[141] أربط جأشا: أقوي قلبا.

[142] تطابقت: انطبقت و هوت.

[143] الوسمة: من وسم من باب وعد.

[144] يفترص الصورة: اغتنمها.

[145] تحاثون: أصلها تتحاثون و حذفت احدي التاءين للتخفيف و تحاثون أي يحث بعضهم بعضا.

[146] و أيم الله: قسم.

[147] هوان: ذلة.

[148] ينوء و يكبو: ينزغ و يتعثر و يضطرب.

[149] يكبو من كبا الجواد لوجهه اذا سقط.

[150] فت الله عضديك: دعاء عليه.

[151] راجع التذكرة للقرطبي (665: 2).

[152] أثخن: جرح.

[153] لوثة: أي قصر عقلي و رعونة و حماقة.

[154] و في بعض الأصول (أني).

[155] ما صحوت قط: أي ما صحا من الجنون فهو مغرق فيه.

[156] راجع مروج الذهب للمسعودي (72 - 71: 3).

[157] و في مروج الذهب الغاضرية بالغين المعجمة.

[158] الاجانة: واحدة الأجاجية. المختار ص 7.

[159] بالعرا: العراء الفضاء.

[160] مزمل بالدماء: غارق في دمائه، و يقال تزمل بثيابه أي تدثر بها.

[161] سبايا: اماء و أسري.

[162] تسفي الريح: تذر التراب.

[163] الصبا: ريح مهبها المستوي أن تهب من مطلع المشس اذا استوي الليل و النهار، و تقابلها الدبور.

[164] ينكت بالقضيب: يعبث و يزدري به.

[165] خرفت: ذهب عقله.

[166] أمرتم: بتشديد الميم المفتوحة أي جعلتموه أميرا.

[167] بعض امائها: بعض خدمها و حشمها.

[168] أحدوثتكم: ما يتحدث به عنكم و يقص سيرتكم.

[169] فتحاجون اليه: تختصمون اليه و الأصل تتحاجون.

[170] و أصلها تتخاصمون.

[171] ازداد غضبه.

[172] خطل: منطق فاسد فاحش.

[173] المردة: المتمردون المنشقون.

[174] أبرت أهلي: اجتثثتهم.

[175] قطعت فرعي: بقتل رجالها.

[176] اجتثثت و اجثثت لغة فيها.

[177] توكل بهؤلاء: تعهد اليه حراستهم.

[178] عدونا عليهم: هجمنا عليهم.

[179] هام الرجال: رؤوسهم.

[180] يلوذون: يلجأون.

[181] الآكام: جمع أكمة و هي التل.

[182] العقبان: طيور جوارح.

[183] الرخم: طيور جارحة أيضا.

[184] و هذا تظاهر بالندم فلو كان ذلك حقيقة لحاسب عبيدالله بن زياد و عمرو بن سعد علي ذلك.

[185] فكان لذلك الندم قولا لا فعلا فلم لم يعاقب القتلة؟!

[186] أعق بهمزة أصح مما ورد بالأصل.

[187] الوغل: المتطفل.

[188] راجع الامامة والسياسة (7 - 6: 2).

[189] رق لنا: حدب علينا و أشفق علينا.

[190] وضيئة: من الوضاءة و هي الصباحة و الجمال.

[191] أرعدت: أي ارتعدت من الاضطراب.

[192] فرقت: من الفرق و الخوف.

[193] ظالما: أي و هو ظالم.

[194] أعزب: أي أبعد عني.

[195] حتف: موت و هلاك.

[196] الحتف: القتل و الهلاك.

[197] الدملج: المعضد.

[198] وردوا بهم الكوفة: نزلوها.

[199] و الأصح (و قال).

[200] و في رواية (من قلة فقهه).

[201] ولولن: ندبن.

[202] خرص: كذب.

[203] لن أجامعكم علي أمر: لن أوافقكم عليه.

[204] اعولي عليه: من التعويل و هو التعديد.

[205] صريحة: خلاصة و صفوة.

[206] عجل عليه: قضي عليه.

[207] أحبة: جمع مفرده حبيب.

[208] من بعض النسخ (علينا) و كلاهما صحيح.

[209] راجع ترجمته في الطبقات الكبري (268: 6).

[210] ولي: انصرف.

[211] اللخناء: النتنة العفنة.

[212] خزامة: ثقب في وترة الأنف.

[213] و هذا الشطر مكسور و الأصح أن يقول: من نبي مقرب و قبيل.